اجتازت مدينة صيدا (جنوب لبنان) امس، قطوعاً امنياً جديداً بسلام، على رغم كل التوتر الذي سبق هذا اليوم ورافقه، وذلك بفضل الاجراءات الامنية غير المسبوقة للقوى الامنية من جيش وقوى امن داخلي واستخبارات مع قياداتها (وبينها رئيس فرع مخابرات الجيش في الجنوب العميد علي شحرور) التي كانت متواجدة على الارض. وحالت هذه التدابير دون تمكن امام مسجد بلال بن رباح الشيخ احمد الاسير ومناصريه ولو «سلمياً» من التوجه من المسجد في اتجاه الشقتين اللتين ادعى ان فيهما عناصر من «حزب الله» لرصد تحركاته. كما ساهم القرار اللافت بابعاد كاميرات «البث المباشر» للمحطات الاعلامية المرئية عن الحدث بتخفيف الاحتقان وردود الفعل المختلفة. وعاشت مدينة صيدا منذ بعد ظهر اول من امس وحتى ظهر امس، حال طوارئ غير معلنة من خلال انتشار ست سرايا من اللواء الاول في الجيش اللبناني، 3 منها من المغاوير و3 من المجوقل، الى جانب 500 عنصر من القوى السيارة (الدرك)، وتركز الانتشار في منطقة عبرا حيث يتواجد مسجد الامام بلال بن رباح والتي تحولت الى منطقة عسكرية لا يمكن الدخول إليها الا بموجب تصاريح امنية، وشكل عناصر الجيش 3 سدود باجسادهم لمنع اي كان من الاقتراب من الشقتين المذكورتين اللتين تقعان في مبنى يقابل المسجد ويسمى «مجمع الزهراء». وتمركزت سيارات للاطفاء واسعافات تابعة للدفاع المدني في المكان. وعلمت «الحياة» ان مداخلات فلسطينية حصلت ليل اول من امس مع الشيخ الاسير للتهدئة، وجرى اقناعه بعدم الدخول الى المجمع المذكور لان الخطوة تتسبب بفتنة. وفي المقابل ابلغ «حزب الله» المعنيين بأنه لن يسمح «لأي كان بدخول الشقتين لأن الامر يعتبر سابقة وقد يتحول الى امر واقع علينا ولن نقبل به». وأم الشيخ الأسير المصلين في المسجد المذكور والقى خطبة اكد فيها رفضه المواجهة مع القوى الامنية. ثم دعا مناصريه الى التوجه «سلمياً الى الشقق والتوقف عندما يمنعنا الجيش من المتابعة». وخرج الأسير والمناصرون الى الشارع وتقدموا في اتجاه السد الامني الاول وقبل الوصول اليه توقف الاسير وخاطب مناصريه معتبراً ان الاجراءات المتخذة دليل على انها «بطلب من الامين العام لحزب الله بصفته الحاكم»، ثم دعا المناصرين الى اعتصام في باحة المسجد في الرابعة بعد ظهر اليوم. واكدت مصادر امنية ل «الحياة» ان «رسالة وصلت الى الاسير عبر قنوات عدة مفادها أن الاخلال بالامن ممنوع وضرب الاستقرار خط احمر واي تجاوز ستقابله تدابير مشددة وسيحصل توقيف مهما علا شأن الشخص المخل بالامن»، في اشارة الى الاسير نفسه. وفي المقابل، اكدت مصادر «تيار المستقبل» ان «لا علاقة له بما يقوم به الشيخ الاسير وانه مع الحفاظ على استقرار الجنوب انطلاقاً من صيدا بوابة الجنوب الرئيسة»، مشيرة الى ان «صيدا تعاني بسبب التسيب الامني والفلتان الحاصل، وهي مع القوى الامنية لاثبات وجودها في كل المناطق لكن لا بد من اتباع معايير واحدة ما يستدعي ملاحقة وتوقيف مطلقي النار على الشابين لبنان العزي وعلي سمهون وهم معروفون». مجلس الامن الفرعي واستبق مجلس الامن الفرعي في صيدا الحدث باجتماع استثنائي عقده برئاسة محافظ الجنوب نقولا ابو ضاهر في السراي الحكومية، حضره رؤساء الاجهزة الامنية كافة، اضافة الى المدعي العام الاستئنافي في الجنوب القاضي سميح الحاج، وجرى البحث في الوضع الامني في صيدا. ومن الحاضرين قائد منطقة الجنوب الاقليمية للدرك العميد طارق عبدالله، والعميد شحرور. وتوقف المجتمعون عند «تصاعد لهجة الخطاب السياسي الحاد»، وجاء في بيان صادر عنهم انه «تم وضع خطة امنية محكمة في هذا الصدد للحؤول دون حصول اي تداعيات امنية خطيرة او نتائج سلبية، واتفق على ان يكون الاعتصام الذي سيقوم به الشيخ الاسير داخل حرم المسجد حصراً مع التشديد على منع اي ظهور مسلح او خروج لعناصر امنية تابعة له خارج نطاق المسجد، وتم ابلاغ الشيخ الاسير بواسطة احد معاونيه، بوجوب التقيد التام بهذه التعليمات وان يمنع الجيش اللبناني وسائر القوى الامنية مطلقاً تخطي هذه الحدود تحت اي مسمى من المسميات». وأكد منسق عام «تيار المستقبل» في الجنوب ناصر حمود ان التيار «ضد اي خلل امني في صيدا وضد اي اعمال تحدث شرخاً بين ابنائها». وقال خلال جولة قام بها على عدد من قادة الاجهزة الامنية في الجنوب: «نحن ضد كل السلاح غير الشرعي، ومع سلاح الدولة». وكان الامين العام للتيار احمد الحريري قال ل «المؤسسة اللبنانية للارسال»: «نرى اليوم تطبيقات ما انتجه خطاب 7 آيار، حزب الله يريد خطف البلد الى حيث يريد هو وهذا الامر لا يمكن ان يمر بسهولة». وأكد ان «الاسير ليس تيار المستقبل ومنذ ان ظهر تعرض للتيار ولا يمكن لاحد ان يقول اننا نترك له المجال ليقوم بما يشاء». ووصف الحريري الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بأنه «رامبو»، وقال: «لا تحاول تخويفنا نحن لم نعد نخاف، واذا كان نصر الله يرى الانتخابات مصاري (أموال) فنحن لا نراها كذلك، هو يتغنى بجلساته مع الرئيس، فاذا كان رفيق الحريري بالنسبة اليهم وطنياً لماذا قتلوه؟». واتهم الأمين العام ل «التنظيم الشعبي الناصري» أسامة سعد في مؤتمر صحافي، «تيار المستقبل بأنه «الاب الروحي للحالات الاستفزازية في البلد وهو ساعد في صعودها»، فيما وصف الرئيس السابق لبلدية صيدا عبدالرحمن البزري «التحركات في صيدا بأنها ليست برئية ابداً». وفي السياق، نفذ مناصرون للاسير في عكار وبعد اداء صلاة الجمعة اعتصاماً عند مستديرة العبدة «تضامناً معه وتأييداً لطروحاته ومواقفه». وقطعوا الطريق الدولية لبعض الوقت. وكان إجتماع عُقد ليل اول من أمس في منزل عضو كتلة «المستقبل» النيابية خالد الضاهر حضره رجال دين وخلصوا خلاله الى انه «ضد التفرد بالشيخ الاسير في وقت يجري غض النظر حيال حزب الله».