لم تفلح الاجتماعات التي عقدت في صيدا أمس في ثني رجل الدين المثير للجدل الشيخ احمد الأسير وأنصاره بالعودة عن «اعتصام مفتوح» قرروه ليل اول من امس، وبدأوه عند مثلث المنطقة الواقعة بين جامع الحريري ومحطة الكيلاني عند المدخل الشمالي لمدينة صيدا، تحت شعار «رفض السلاح غير الشرعي»، ثم نقلوه بناء على طلب من الأسير صباح امس، الى نقطة على المسلك الشرقي لمدينة صيدا، من دون ان تتأثر الطريق البحرية التي بقيت مفتوحة الى الجنوب. ونصب المعتصمون خيماً للذكور والإناث، وجلس بضع عشرات من الرجال بلحاهم الطويلة مع اطفالهم داخل احداها فيما جلست نساء منقبات بالأسود مع اطفال ايضاً في خيم منفصلة. وأعلن الأسير عن «بدء تنفيذ اعتصام سلمي مفتوح حتى اسقاط هيمنة السلاح»، فيما عملت القوى الأمنية والجيش اللبناني على تسهيل حركة مرور السيارات على الطرق الموازية. وكلف وزير الداخلية مروان شربل، محافظ الجنوب نقولا ابو ضاهر وقائد منطقة الجنوب الاقليمية العميد طارق عبدالله التوجه الى خيمة الأسير لإقناعه بفتح الطريق. وعقد اجتماع قبل الظهر في مكتب مفتي صيدا والجنوب الشيخ سليم سوسان، شارك فيه المحافظ ابو ضاهر والعميد عبدالله، وتم البحث في الاوضاع الامنية في مدينة صيدا. واتفق على تكثيف الاتصالات والمساعي من اجل اعادة فتح الطرق ونزع الخيم المنصوبة. وتواصل المفتي سوسان والمحافظ ابو ضاهر والعميد عبدالله مع الاسير الذي اعلن بعد الاجتماع في مؤتمر صحافي انه «لم يقتنع بضرورة فك الاعتصام»، مشيراً الى ان «الفتنة الحقيقية هي في السكوت عن هيمنة السلاح». وقال: «نريد ان نلمس مسعى جدياً بأنهم سيجدون حلاً للسلاح، والاعتصام مفتوح وستكون هناك خطوات تصعيدية اذا لم نصل الى حل». واعتبر ان التحرك الذي يقوم به هو «على غرار ميدان التحرير في مصر»، مشيراً الى «ان الامور تتجه لتغليب لغة العقل والضغط لايجاد مسعى جدي لحل الازمة». ولفت الى ان «هناك مسالك اخرى ممكن ان تعتمد من قبل الجنوبيين وأن المكان الذين يعتصمون فيه لا يشكل الطريق الاساسية للوصول الى طرق الجنوب». وأشار الى ان «المشهد عصراً سيكون مختلفاً عن الوقت الراهن، والاعتصام قائم سلمياً حتى الموت»، معتبراً «أن سلاح حزب المقاومة سلب كرامتنا ولن نستطيع بعد اليوم ان نعيش من دون كرامة». وأشار المحافظ ابو ضاهر في تصريح الى «ان للأسير مطالب معينة تعالج بالحوار والتواصل، وتركنا الموضوع لحكمة الأسير وطلبنا منه تغيير مكان الاعتصام لفتح الطريق وهو وعد بالتفكير بالموضوع». وعلمت «الحياة» ان النائب بهية الحريري الموجودة في نيويورك اتصلت برئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة والمفتي سوسان ورئيس فرع المخابرات في الجيش العميد علي شحرور وإمام مسجد القدس الشيخ ماهر حمود لايجاد مخارج للاعتصام، وذكر ان كل المفاوضات معه لم تفلح في اقناعه بوقف التحرك وتقرر ترك فسحة امام المعتصمين للتعبير عن رأيهم، لا تتعداها الى خطوات اخرى. الاشتباه بكرتونة وكانت صيدا استفاقت امس، على نبأ تناقلته وسائل الاعلام عن الاشتباه بعلبة كرتون في ساحة رياض الصلح، فضربت القوى الامنية طوقاً حول المكان، وعاين الخبير العسكري العلبة وتبين ان فيها مكبراً للصوت مع اسلاك ولا تحتوي على اي متفجرة. وفي المواقف مما يحصل في صيدا، اعتبر عضو كتلة «المستقبل» النائب احمد فتفت ان «الشيخ الأسير يتصرف كرجل دين ورجل سياسة وله الحق في ان يعبّر عن وجهة نظره وفق القوانين المرعية، وعندما يتصرف خارج القانون فلن نوافق على هذا الأمر، ولا يمكن ان نغطي اي شيء خارج نطاق القانون». واعتبر الأمين العام ل«التنظيم الشعبي الناصري» أسامة سعد في تصريح، أن «قطع الطريق الدولية في صيدا بذريعة الاحتجاج على سلاح المقاومة لا يؤدي إلا إلى الإضرار بمصالح المواطنين، والإساءة إلى الأمن والاستقرار».واعتبر «ان موضوع سلاح المقاومة خلافي تجري مناقشته بين رجال الدولة المدعوين إلى الحوار»، معتبراً «ان التحركات الاحتجاجية حول مواضيع خلافية من شأنها تعميق الانقسام بين اللبنانيين، وتشكل طريقاً إلى التوتر والفتنة».