كشفت مصر أمس ملامح برنامج اقتصادي معدل يستهدف تعزيز احتياطات البلاد من العملة الصعبة لتصل إلى 19 بليون دولار بحلول نهاية السنة المالية الحالية آخر حزيران (يونيو) ثم إلى 22.5 بليون في السنة المالية 2013 - 2014. وقال رئيس الوزراء المصري هشام قنديل لصحافيين إن البرنامج المعدل يشمل تقليص زيادات ضرائب الدخل والمبيعات والدمغة ورفع حد إعفاء المسكن الخاص إلى مليوني جنيه (300 ألف دولار تقريباً) بدلاً من نصف مليون جنيه. وزاد أن البرنامج «اقتصادي مالي واجتماعي متكامل حتى تستطيع الحكومة ان تخرج الفقير من دائرة فقره». وبرنامج الاصلاح الاقتصادي شرط مسبق لاستئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي في شأن قرض حجمه 4.8 بليون دولار كانت مصر اتفقت عليه مع الصندوق من حيث المبدأ في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. لكن المحادثات توقفت في الشهر التالي مع اندلاع أعمال شغب في مصر. ويتوقع كثيرون من الاقتصاديين عدم التوصل إلى اتفاق على القرض حتى إجراء الانتخابات البرلمانية. وتراجعت الاحتياطات الأجنبية لمصر إلى 13.6 بليون دولار في كانون الثاني (يناير) وهو مستوى تؤكد الحكومة أنه يغطي واردات ثلاثة أشهر فقط بعد استنفاد الاحتياطات في محاولات لدعم الجنيه المصري. وتوقعت الحكومة في البرنامج المعدل أن يبلغ العجز المستهدف في موازنة 2012 - 2013 نحو 189.7 بليون جنيه توازي 10.9 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي على أن يبلغ 196.1 بليون جنيه توازي 9.5 في المئة من الناتج المحلي في 2013 - 2014. وبلغ عجز الموازنة المصرية 91.5 بليون جنيه في ستة شهور حتى 31 كانون الاول (ديسمبر) المنصرم بما يوازي نحو 10 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي. وتشير الحكومة في البرنامج المعدل إلى أنها تستهدف الوصول بعجز الموازنة الى 183.5 بليون جنيه بما يمثل 7.7 في المئة من الناتج المحلي في 2014 - 2015. وأكدت الحكومة المصرية أن كل توقعاتها ترتبط بتحقيق الاصلاحات الاقتصادية المطلوبة. وتعاني المالية العامة لمصر ضغوطاً وأعباء شديدة منذ «ثورة يناير» في 2011 والتي أطاحت الرئيس حسني مبارك. وكشف البرنامج أن الحكومة تستهدف معدل نمو بنسبة ثلاثة في المئة في العام المالي الجاري يزيد إلى 4.2 في المئة في السنة المقبلة ويصل إلى 5.4 في المئة في 2014 - 2015. وبلغ معدل نمو الاقتصاد المصري 2.2 في المئة في الربع الثاني من السنة المالية الحالية بمتوسط 2.4 في المئة في النصف الأول. وشهدت مصر منذ إسقاط مبارك احتجاجات عمالية عدة وسط اضطراب سياسي وتراجع اقتصادي يهدد بأزمة اقتصادية حادة. وتؤكد الحكومة المصرية أن عدم تطبيق الاصلاحات الاقتصادية سيدفع العجز في موازنة إلى 12.3 في المئة من الناتج المحلي خلال العام الجاري و14.9 في المئة في السنة المالية 2013 - 2014. وتجري الانتخابات البرلمانية في 22 نيسان (أبريل) ويرجح أن تحجم الحكومة عن أي إجراءات اقتصادية لا تلقى قبولاً شعبياً حتى لا تثير غضب المواطنين في تلك الفترة. صندوق النقد وتوقع وزير الاستثمار المصري أسامة صالح أن تستأنف مصر المفاوضات مع صندوق النقد أوائل الشهر المقبل. وقال في كلمة أمام مؤتمر مالي إن هناك تعهدات بدعم دولي وإقليمي لمصر وإن معظمها يشهد تقدماً، مضيفاً أن مصر كادت تتوصل إلى اتفاق مع الصندوق في كانون الأول، لكن تغير الرأي العام قاد لانهياره. وزاد أنه لا يرى سبباً لرفض الشعب المصري للبرنامج، مشيراً إلى أنه سيدرك في نهاية المطاف أن المزايا التي ستعود عليه تفوق الأعباء التي سيتحملها. وفي حديث موسع عن أزمة مصر الاقتصادية والجهود المبذولة لحلها، قال صالح إن السلطات تسعى لتدبير التمويل من خلال إجراءات مثل فرض ضريبة عشرة في المئة على الأرباح الرأسمالية من عمليات الطرح العام الأولي. وكشف البرنامج الاقتصادي المعدل أن الحكومة قررت «رسم دمغة واحد في الألف على تعاملات البورصة للبائع والمشتري على نحو مماثل لما هو معمول به في الكثير من الدول». وتعاني بورصة مصر شحاً شديداً في السيولة وسط مبيعات مستمرة من المتعاملين وسط تخوف مستثمرين آخرين من ضخ أموال جديدة في ظل الضبابية التي تسيطر على الرؤية الاقتصادية والسياسية في البلاد. وأكد رئيس البورصة المصرية محمد عمران أن إدارة السوق تدرس قرار الحكومة المصرية بفرض ضريبة دمغة على تعاملات البورصة، لكنه أوضح أن معظم دول المنطقة لا تفرض مثل هذه الضريبة. وقال ل «رويترز»: «عدد قليل فقط من الدول هو من يفرض هذا النوع من الضرائب وهذه الدول تعفي الأجانب منها. كل الدول المنافسة لمصر لا يوجد فيها هذا النوع من الضرائب».