أقرّت الحكومة المصرية أمس تدابير ضريبية لخفض عجز الموازنة العامة في مقابل الحصول على قرض ب4.8 بليون دولار من صندوق النقد الدولي الذي توصلت إلى اتفاق مبدئي معه في هذا الصدد. وأعلن وزير التخطيط والتعاون الدولي المصري أشرف العربي في مؤتمر صحافي مع رئيس بعثة الصندوق إلى القاهرة أندرياس باور التوصل إلى الاتفاق المبدئي مع الفريق الفني للصندوق. ولفت الوزير إلى أن الاتفاق سيُحال إلى مجلس إدارة الصندوق للحصول على الموافقة النهائية في كانون الأول (ديسمبر) المقبل. وقال عضو المجلس عبدالغفور شعلان الذي شارك في المؤتمر، إن القرض سيُصرف على 22 شهراً، وإن الجانبين اتفقا على خفض عجز الموازنة إلى 8.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية 2013 - 2014 بعدما سجل 11 في المئة في 2011. وأكد أن الشريحة الأولى من القرض الذي طلبته مصر ستكون بليون دولار تقريباً، مشيراً إلى أن الفائدة ستكون 1.06 في المئة. وتوصلت البعثة الفنية لخبراء الصندوق، برئاسة باور، وهو رئيس قسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في الصندوق، والسلطات المصرية إلى الاتفاق المبدئي الذي يشمل 3.16 بليون دولار من حقوق السحب الخاصة أو 335 في المئة من حصة مصر في الصندوق. ويدعم الاتفاق برنامج الحكومة الاقتصادي خلال 2013 - 2014. وأشار شعلان إلى أن التدابير هي سياسات للحكومة المصرية، وإلى أن الصندوق لم يتدخّل فيها «من قريب ولا من بعيد»، متوقعاً موافقة مجلس إدارة الصندوق على الاتفاق لدى عرضه في 19 كانون الأول. وأعلنت الحكومة المصرية أنها وافقت على خفض معدلات الدَّين إلى نحو 70 في المئة من الناتج في 2016 - 2017. وأفادت بأن العبء الأكبر من الإصلاحات الضريبية سيتحمله الأغنياء، مع الحفاظ على الحد الأعلى للضريبة عند 25 في المئة ومع خضوع الشركات لسعر موحد للضريبة عند 25 في المئة بدلاً من شريحتين، ومن دون زيادة في الحد الأعلى لسعر الضريبة. وكان اقتصاديون استنكروا عزم الحكومة تطبيق إجراءات تقشفية لعلاج عجز الموازنة المقدّر ب135 بليون جنيه (22 بليون دولار)، كان مقرراً أن تبدأ في 1 حزيران (يونيو) الماضي لكنها أجِّلت. ولفت خبراء إلى أن قروض صندوق النقد تستخدَم في سد الخلل في ميزان المدفوعات وليس دفع عجلة الإنتاج، وعبّروا عن مخاوف من أن تمس مصالح محدودي الدخل. وستبدأ إجراءات التقشف بزيادة فواتير الهاتف والكهرباء والطاقة والغاز، إضافة إلى ضرائب تصاعدية أعلنتها الحكومة أخيراً وقوبلت باستهجان. وقال الخبير الاقتصادي ماجد عطية ل «الحياة» إن الحكومة المصرية «تسعى إلى إثبات صدقيتها وجديتها في إجراء الإصلاحات الاقتصادية أمام صندوق النقد الذي يراقب عن كثب تطور عجزها المالي ويطالبها بوضعه تحت السيطرة من خلال حزمة إجراءات تقشفية، إذا أرادت الحصول على مساعدات مالية عاجلة تشتد إليها الحاجة لتمويل مشاريع طاقة تجنب البلاد أزمة كارثية قد تنفجر خلال سنوات». وحذّر من أن التقشف سيؤثر سلباً في أية استثمارات «لأنه يعني تقليل الإنفاق الذي يعتبَر من عناصر الإنتاج». ورأى عطية أن رئيس الوزراء هشام قنديل «لا يملك خطة أو رؤية واضحة حتى الآن، وبدلاً من الحديث عن التقشف، عليه منع وصول الدعم إلى غير مستحقيه وتحقيق تعاون أكبر مع الدول الخارجية واستغلال الموارد خير استغلال». ولفت إلى أن إلغاء الدعم والذي سيبدأ مطلع الأسبوع المقبل بالبنزين من عيار 95 أوكتان، وفق قنديل، «سيدفع إلى ارتفاع أسعار كل المواد الأساسية، ما سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف معيشة المواطنين، خصوصاً محدودي الدخل والفقراء». وقال: «المشكلة أن هناك دعماً مباشراً، لرغيف الخبز، مثلاً، ودعماً غير مباشر، للطاقة، مثلاً، ورفعه سيؤثر في كلفة نقل البضائع لتُضاف هذه التكاليف إلى الأسعار».