تصاعد التوتر بين دولتي السودان وجنوب السودان وتبادل الطرفان الاتهامات بانتهاكات، إذ قال جيش جنوب السودان إن جندياً في صفوفه قُتل في ولاية أعالي النيل بعد هجمات جوية من القوات السودانية، بينما أكدت الخرطوم أن قوة من متمردي دارفور انطلقت من جنوب السودان تعتزم شن عمليات في الإقليم المضطرب. وقال الناطق باسم جيش جنوب السودان فيليب أغوير في بيان بثه تلفزيون الجنوب الرسمي إن القوات المسلحة السودانية نفذت هجمات جوية على مواقع جيشه في مقاطعة الرنك في الجزء الشمالي من ولاية أعالي النيل المتاخمة للشمال. وذكر أن الجيش الجنوبي «صد أيضاً هجوماً برياً أول من أمس بين منطقتي بابانيس والغولي ما اضطر القوات السودانية إلى التقهقر، لكنها شنت غارات باستخدام مروحيات ضد مواقع الجيش الجنوبي على بعد 21 كيلومتراً في عمق أراضي جنوب السودان». ولفت إلى أن الهجمات خلفت قتيلاً من قواته وأدت إلى جرح ثلاثة آخرين، كما فر آلاف المدنيين من منازلهم. وأضاف أن «القوات السودانية أعادت تنظيم صفوفها بعد حملها بالقوة على التراجع لكن جيش الجنوب صدها للمرة الثانية»، مؤكداً أن قواته «قادرة على حماية أراضي البلاد وتنتظر قراراً سياسياً قبل اتخاذ قرار في شأن ما تتخذ من تدابير». ودان وزير الإعلام في ولاية أعالي النيل فيليب جادين هجوم الجيش السوداني على أراضي بلاده. ودعا المجتمع الدولي إلى «معاقبة السودان»، معتبراً أن «عبور قوات أجنبية إلى أراضي دولة أخرى ذات سيادة هو انتهاك للقانون الدولي». ورأى أن الهجوم السوداني على بلاده «انتهاك للاتفاق الموقع بين البلدين في أيلول (سبتمبر) الماضي الذي يمنع جيشي الدولتين من تنفيذ أي هجمات أو تقديم الدعم للمتمردين على الجانب الآخر من الحدود». وهذه المرة الثالثة خلال عام التي تتهم فيها جوبا القوات السودانية بالهجوم على مواقع في ولاية أعالي النيل. وتقول الخرطوم إنها لا تعتدي على أراضي الجنوب بل تلاحق متمردين ينطلقون من جنوب السودان لشن هجمات على دارفور وولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق المتاخمتين للجنوب. وتحدث منشقون عن متمردي دارفور عن أن منطقتي ربكونا وراجا في جنوب السودان تشهدان حشوداً لمتمردي دارفور. وقال المسؤول السياسي في «حركة تحرير السودان» سليمان أرباب إن «الجيش الجنوبي أكمل تخريج مجندين تابعين لحركة مني أركو مناوي (المتمردة في دارفور) في قواعد للتدريب في منطقة طمبرة الجنوبية، قبل نقلهم بواسطة مركبات تابعة للجيش الجنوبي إلى منطقة راجا». وأشار إلى أن «القوة المتمردة في طريقها إلى ولايات دارفور المتاخمة للجنوب، وحكومة الجنوب دعمت متمردي حركة العدل والمساواة بكميات من العتاد العسكري والتموين في منطقة ربكونا التي وصلها الأسبوع الماضي قادة بارزون في الحركة على رأسهم سليمان جاموس وبابكر حامدين والعمدة الطاهر». إلى ذلك، أعلن الناطق باسم سفارة جنوب السودان في الخرطوم غبريال دينق أن الاتفاق الأخير بين حكومة بلاده وإسرائيل في شأن تصدير النفط تم بالأحرف الأولى، ولمح إلى احتمال لجوء جوبا إلى نقل النفط إلى إسرائيل عبر ميناء لامو الكيني أو عبر إثيوبيا. ورفض الخوض في تفاصيل الاتفاق والموعد المحدد لبدء التصدير، قائلاً: «هذا شأن خاص بين دولة جنوب السودان وإسرائيل». وأكد التزام بلاده بالاتفاق الموقع مع السودان، «رغم انعدام الإرادة السياسية الحقيقية لدى الخرطوم لتنفيذه». ودعا السودان إلى «عدم التوتر» من العلاقة التي تربط دولته بإسرائيل، مذكراً ب «الوجود الإسرائيلي في عدد من دول العالم العربي». ووصف العلاقة بأنها «تأتي في إطار المصلحة المشتركة للجنوب مع الدول الأخرى وليست استفزازاً لأية جهة». وأكد رغبة بلاده في نقل نفطها عبر السودان، مشيراً إلى اكتمال الترتيبات الفنية كافة للنقل. وأضاف: «نحن في انتظار إشارة من الخرطوم لاستئناف الضخ ولكنها في انتظار أن يموت مواطنو الجنوب جوعاً وهي بلا شك ستنتظر طويلا لما يملكه الجنوب من ثروات هائلة، خصوصاً الحيوانية. نملك 31 مليون رأس من البقر مقابل 8 ملايين نسمة، ما ينفي أننا سنموت جوعاً». من جهة أخرى، يدرس مجلس تنظيم شؤون الأحزاب في السودان رفع شكوى إلى المحكمة الدستورية لسحب تراخيص الأحزاب المعارضة التي وقعت وثيقة اتفاق مع تحالف متمردي «الجبهة الثورية السودانية» التي تضم «الحركة الشعبية - الشمال» ومتمردي دارفور. وقال مسؤول في مجلس الأحزاب أمس إن «المجلس سيستوثق من الأحزاب التي وقعت على ميثاق المتمردين وما جاء فيه من قضايا تتعلق بحمل السلاح، وهو الأمر الذي يفقدها المشروعية في ممارسة العمل السياسي السلمي»، مشيراً إلى أن «المجلس سيدفع بشكوى إلى المحكمة الدستورية لتفصل في طلبه بوقف نشاط أي حزب يوقع على اتفاق مع متمردين يحملون السلاح باعتباره مخالفاً للدستور لاسيما وأنه يتبنى العمل المسلح». لكن قوى تحالف المعارضة رفضت ذلك. وقال الناطق باسم التحالف كمال عمر عبدالسلام إن التحالف «قرر اللجوء إلى مفوضية حقوق الإنسان ومجلس الأحزاب لتقديم الحجة بالحجة وتأكيد حق القوى السياسية في التواصل مع متمردي الجبهة الثورية وإقناعها بالحل السلمي والثورات الشعبية والاعتصامات لإسقاط النظام». وأضاف: «سنمتحن تلك المؤسسات امتحاناً حقيقياً».