تعيش باريس أسبوعاً سياسياً لبنانياً بدأ أمس باستقبال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي رئيس «جبهة النضال الوطني» النيابية وليد جنبلاط الذي يلتقي مساء اليوم رئيس تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري بعد اتصال أجراه الأخير به، ويستمر غداً بلقاء يعقده هولاند ورئيس حزب «الكتائب» رئيس الجمهورية السابق أمين الجميل الذي التقى الحريري مساء أمس، في موازاة محادثات يجريها قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي مع نظيره الفرنسي تتعلق بالتعاون العسكري بين البلدين وبتجهيز الجيش اللبناني بالعتاد والسلاح، إضافة الى دور القوات الفرنسية في «يونيفيل» في جنوب لبنان لتطبيق القرار الدولي 1701. واحتلت الأزمة في سورية حيزاً رئيساً في محادثات هولاند وجنبلاط اللذين توافقا على ضرورة تحييد لبنان عن ارتداداتها السلبية ومنع استيرادها الى الداخل. وأكد هولاند في اللقاء ضرورة عمل اللاعبين السياسيين اللبنانيين على بذل جهودهم لتفادي التوترات داخل المجتمع اللبناني، مجدداً، كما قالت مصادر رئاسية فرنسية ل «الحياة»، التزامه وحرصه على استقرار لبنان وأمنه وحياد الدولة اللبنانية وإجراء الانتخابات النيابية في موعدها، بينما نبه جنبلاط الى أنه من غير الجائز أن يظن أحد في لبنان أنه قادر على تحقيق الغلبة من خلال هذه الانتخابات. ولفت جنبلاط الى أنه شدد مع الرئيس الفرنسي على أهمية الحوار اللبناني – اللبناني من أجل تجاوز الحساسيات الداخلية والطائفية وقال: «هذه كانت رسالتي في المحادثات». لكن مواكبة اللبنانيين للمحادثات التي تستضيفها باريس، لن تحجب الأنظار عن التداعيات السياسية المترتبة على احتمال تصدع وحدة قوى 14 آذار نتيجة قرار حزبَي «الكتائب» و «القوات اللبنانية» وبعض النواب المستقلين الأعضاء فيها، المشاركة في الاجتماع المشترك للجان النيابية غداً بدعوة من رئيس البرلمان نبيه بري، في مقابل إصرار تيار «المستقبل» على عدم الحضور احتجاجاً على حضور وزراء من حكومة الرئيس نجيب ميقاتي. وفي هذا السياق قال مصدر نيابي في «المستقبل» ل «الحياة» إن غياب ممثلي التيار عن اجتماع اللجان النيابية يأتي انسجاماً مع قرار كانت اتخذته قوى 14 آذار بعد اغتيال رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللواء وسام الحسن في تشرين الأول (اكتوبر) الماضي بمقاطعة أي نشاط نيابي تشارك فيه الحكومة والإصرار على رحيلها لمصلحة المجيء بحكومة حيادية تشرف على إجراء الانتخابات النيابية في الربيع المقبل. ونفى المصدر النيابي ما تردد عن أن قرار المقاطعة لا ينسحب على الاجتماعات النيابية في حضور وزراء إذا كانت مخصصة للبحث في قانون الانتخاب الجديد، فيما أكد مصدر مقرب من حزبي «القوات» و «الكتائب» أنه تم التوافق على أن لا تشمل المقاطعة الاجتماعات التي تناقش فيها مشاريع قوانين الانتخاب. واعتبرت مصادر مواكبة للأزمة الصامتة بين «المستقبل» وحليفيه «الكتائب» و «القوات»، والتي أخذت تتفاعل تدريجاً الى العلن على خلفية تأييد الأخيرين مشروع اللقاء الأرثوذكسي الذي يلقى معارضة من «المستقبل» والمستقلين في «14 آذار»، أن الأيام المقبلة تشكل أول محطة لاختبار مدى قدرة المعارضة على التغلب على خلافاتها الداخلية من أجل إعادة ترميم صفوفها، أو ان كل فريق بدأ يعيد النظر في تحالفاته استعداداً لإعادة تموضعه السياسي. وكشف المصدر النيابي في «المستقبل» أن رئيس كتلة «المستقبل» النيابية رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة وضع رئيس الجمهورية ميشال سليمان لدى زيارته في بعبدا أمس، في العناوين الرئيسة التي ستتضمنها المبادرة التي سيطلقها بعد غد الخميس الرئيس الحريري من باريس في المقابلة التي يجريها مع الزميل مرسيل غانم في برنامج «كلام الناس»، علماً أن رئيس الحكومة السابق اتصل مساء أمس بكل من الرئيس ميشال سليمان وقائد «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع والنائب بطرس حرب. وقال إن السنيورة كان تناول هذه العناوين في لقاءاته أول من أمس في صيدا. وأوضح أن مبادرة الحريري لن تقتصر على قانون الانتخاب فحسب، وإنما تتعلق بأبرز القضايا السياسية المطروحة على الساحة اللبنانية. وأوضح المصدر أن السنيورة وضع سليمان في الأسباب التي تملي على «المستقبل» معارضة أي نظام انتخابي يعتمد النظام النسبي أو مشروع اللقاء الأرثوذكسي، ومن أبرزها أن هذين النظامين، في ظل الظروف الراهنة، يدفعان في اتجاه «دفن» صيغة العيش المشترك وتعميق الانقسامات الحادة بين اللبنانيين، إضافة الى رفع منسوب الاحتقان الداخلي. وقال إن الحريري سيتحدث بالتفصيل عن الهواجس والمخاوف اللبنانية من هذين النظامين وسيؤكد معارضتهما حتى لو بقي «المستقبل» وحيداً في الميدان. ولفت أيضاً الى أن هذا الموقف المتشدد لا يعني الانغلاق وعدم الاستعداد لطرح صيغ أخرى بديلة.