أدى المأزق الذي يسيطر على الحياة السياسية اللبنانية بسبب الخلاف على قانون الانتخاب، ورفض الكثير من الفرقاء من الموالاة والمعارضة مشروع اللقاء الأرثوذكسي، الى بروز جملة اقتراحات جديدة أمس في محاولة لتدوير الزوايا، سواء في اجتماعات اللجنة النيابية الفرعية المولجة إيجاد جوامع مشتركة بين المشاريع المختلفة، أم في تصريحات بعض القوى المؤيدة ل «الأرثوذكسي». لكن أياً من الأفكار الجديدة لم يلق قبولاً، في انتظار استنفاد الوقت المتاح للجنة الفرعية قبل طرح مخرج من هذا المأزق. وإذ جدد رئيس الجمهورية ميشال سليمان أمس في خطابه التقليدي أمام السلك الديبلوماسي، الدعوة الى مناقشة مشروع القانون الذي أحالته الحكومة على المجلس النيابي، والذي يعتمد النظام النسبي مع تقسيم لبنان الى 13 دائرة انتخابية، وإدخال التعديلات عليه من دون الخروج على روحية الدستور، دعا رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع منتقدي «الأرثوذكسي» الى أن يقدموا بديلاً منه، معترفاً بأنه تشوبه ثغرات، فيما جددت كتلة «المستقبل» النيابية رفضها إياه معتبرة أنه «يحولنا قبائل مذهبية»، وكذلك اعتراضها على اعتماد النسبية في أي قانون لأنه يفسح المجال «أمام زيادة الهيمنة والسيطرة من «حزب الله» الممسك بالسلاح غير الشرعي». وشهد اجتماع اللجنة النيابية الفرعية أمس، بعد تسليم رئيسها النائب روبير غانم رئيس البرلمان نبيه بري خلاصة مناقشاتها حول القوانين المطروحة، اقتراحين جديدين، الأول من ممثل «جبهة النضال الوطني» النائب أكرم شهيب الذي طرح العودة الى اتفاق الطائف بقيام مجلس نيابي غير طائفي، وإنشاء مجلس للشيوخ، ففوجئ به ممثلو الأحزاب المسيحية الثلاثة، «التيار الوطني الحر» وحزبا «الكتائب» و «القوات اللبنانية»، والتي كانت توافقت على «الأرثوذكسي»، ورفضوه وسط صمت من ممثلي «حزب الله» وحركة «أمل» اللذين كانا أيدا مشروع اللقاء الأرثوذكسي الذي يقضي بانتخاب كل مذهب نوابه على النظام النسبي وفق لبنان دائرة واحدة. أما الاقتراح الثاني فكان من ممثل «الكتائب» سامي الجميل الذي طرح إمكان اعتماد النظام الأكثري بدل النسبي في مشروع اللقاء الأرثوذكسي. وقالت مصادر وزارية ل «الحياة» إن تسويق مشروع «اللقاء الأرثوذكسي» المدعوم من «التيار الحر» و «الكتائب» و «القوات» يواجه مأزقاً لدى رئيس «جبهة النضال» وليد جنبلاط و «تيار المستقبل» والمستقلين في «قوى 14 آذار»، وكشفت أنه جرت محاولة «خجولة» لتحقيق اختراق داخل الطائفة السنّية اصطدمت بحائط مسدود. ولفتت الى أن مشكلة «الأرثوذكسي» ليست مع «المستقبل» باعتباره الحاضن الأساسي لغالبية الجمهور السنّي وإنما مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والوزراء المنتمين الى الطائفة السنّية ما يعني أن أحد أبرز المكونات في لبنان يرفضه إضافة الى مكون آخر هو جنبلاط. واستبعدت المصادر أن يدير الرئيس بري ظهره لهذين المكونين على رغم أنه على خلاف مع «المستقبل»، وهو «يحسب لهما الآن ألف حساب». وإذ أبدت المصادر ارتياحها الى موقف بري «الذي لن يسمح بأن يسجل في تاريخه أنه شكل رأس حربة للالتفاف على البنود الميثاقية الواردة في مقدمة الدستور»، قالت في المقابل إنه كان وراء الإصرار على استمرار اللجنة النيابية الفرعية في عملها وعدم الموافقة على إنهاء مهمتها فور تسلمه التقرير الأولي بأعمالها من النائب غانم. وسألت المصادر: «ألا يشكل إصرار بري على مواصلة عمل اللجنة الفرعية للتوصل الى قواسم مشتركة، إشارة الى أن الأرثوذكسي يواجه مشكلة في تسويقه؟». واعتبرت أن اللقاءات التي يعقدها بري مع ممثلين عن الكتل النيابية تصب في إطار البحث عن قواسم مشتركة للتوافق على قانون انتخاب جديد، وقالت إن هذه الكتل منفتحة على بري بما فيها «المستقبل» الذي يتواصل معه، وإن اجتماعاً قريباً جداً سيجمعه برئيس كتلة «المستقبل» رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، بعدما التقى أمس عضو «اللقاء النيابي الديموقراطي» مروان حمادة. وأكدت مصادر نيابية أن ممثل «القوات» جورج عدوان دافع عن «الأرثوذكسي» في مقابل مرافعتين اعتراضيتين عليه من ممثلَي «المستقبل» أحمد فتفت و «جبهة النضال» أكرم شهيب اللذين أظهرا انسجاماً في الموقف. لكن تشعب البحث حال دون حصر عدوان النقاش ب «الأرثوذكسي» بذريعة أنه حاز على تأييد أكثرية أعضاء اللجنة.