يحاصر مسلحو تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) مدينة عين عرب (كوباني) على الحدود السورية - التركية، بعد سيطرتهم على 64 قرية في هجوم كاسح أدى إلى فرار عشرات الآلاف من الأكراد السوريين إلى تركيا، في وقت قتل ثلاثة مقاتلين من «داعش» في شمال شرقي سورية، أحدهم بريطاني. وكان مقاتلو «داعش» بدأوا الهجوم مساء الثلثاء، وأحرزوا مزيداً من التقدم بالسيطرة على 64 قرية، وهم موجودون في بعض الأماكن على بعد عشرة كيلومترات فقط من المدينة. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس: «لا يزال مصير أكثر من 800 مدني كردي من سكان هذه القرى مجهولاً حتى اللحظة، حيث لا يعرف ما إذا كانوا على قيد الحياة، أم تم اختطافهم أو قتلهم من جانب التنظيم الذي أعدم أمس ما لا يقل عن 11 مدنياً كردياً بينهم فتيان اثنان على الأقل». وأسفرت المواجهات أمس عن مصرع ما لا يقل عن 10 مقاتلين من تنظيم «الدولة الإسلامية»، ليرتفع إلى ما لا يقل عن 39 عدد مقاتلي التنظيم الذين لقوا مصرعهم في الاشتباكات مع «وحدات حماية الشعب الكردي» في كوباني خلال ال48 ساعة الفائتة. كما أسفرت الاشتباكات ذاتها، عن مصرع مقاتلين اثنين من وحدات حماية الشعب الكردي، ليرتفع إلى ما لا يقل عن 27 مقاتلاً عدد مقاتلي «وحدات الحماية». ووفق مدير «المرصد» رامي عبدالرحمن، فإن مدينة عين عرب «محاصرة في الكامل» من جانب التنظيم. وأضاف عبدالرحمن: «تقدموا أكثر وهم الآن في بعض المناطق على بعد عشرة كلم فقط» من عين عرب. وتحتدم المعارك بين المسلحين الإسلاميين المزودين أسلحة ثقيلة ودبابات، ومقاتلين أكراد يدافعون عن مدينة عين عرب بمساعدة أكراد قدموا من تركيا. وإزاء اشتداد أعمال العنف والمخاوف من التعرض لفظاعات المسلحين الإسلاميين المتطرفين، يستمر فرار المدنيين الأكراد من المدينة وضواحيها إلى تركيا، وكان عدد سكانها قبل أعمال العنف حوالى 450 ألف نسمة، وفق «المرصد». ولمواجهة تقدم تنظيم «الدولة الإسلامية»، جاء حوالى 300 مقاتل كردي من تركيا إلى سورية لمساعدة إخوانهم في سورية. وتحدث «المرصد» عن أنباء «عن وصول المزيد من المقاتلين من المناطق الكردية في تركيا، إلى عين عرب وانضمامهم إلى وحدات حماية الشعب الكردي». ولجأ، منذ الجمعة، حوالى 150 ألف مدني كردي إلى تركيا، في حين حذرت المعارضة السورية في المنفى من عملية «تطهير عرقي». وغداة نزوح الآلاف وبينهم الكثير من النساء والأطفال والمسنين المحملين أكياساً وحقائب، والذين عبروا نقطة مرشد بينار الحدودية التركية (جنوب)، لا يزال عشرات الأكراد متجمعين الأحد أمام الأسلاك الشائكة في انتظار أن يعبروا أيضاً على مرأى من الجنود الأتراك. وفرقت الشرطة التركية الأحد مئات الشبان الأكراد الذين تظاهروا على الحدود مع سورية دعماً للاجئين الأكراد المقبلين. واستخدمت قوات الدرك والشرطة قنابل مسيلة للدموع وخراطيم المياه لإبعاد المتظاهرين. وفتح الجنود الأتراك الأسلاك الشائكة الفاصلة بين البلدين في نقاط عدة لتسهيل عبور اللاجئين المقبلين من عين عرب. وقال مصطفى عبدي الناشط السوري الكردي الذي يتحرك بين الحدود والمدينة إن «شوارع كوباني شبه مقفرة وهناك شعور كبير بالخوف». وأردف أن مدنيين «بينهم مسنون ومعوقون تم إعدامهم في القرى لكننا لا نملك رقماً محدداً»، مؤكداً أن تنظيم «الدولة الإسلامية ينهب المنازل». وتابع عبدي أن «معظم النساء والأطفال غادروا كوباني وثمة آلاف الرجال المسلحين المستعدين للدفاع عن المدينة حتى آخر نقطة دم. لكن، ماذا يستطيعون حيال الأسلحة الثقيلة للدولة الإسلامية؟». وقال أيضاً: «نحتاج إلى طائرة أميركية واحدة لضرب هؤلاء الهمجيين. أين التحالف المناهض للدولة الإسلامية (بقيادة الولاياتالمتحدة)؟ عليهم أن ينقذوا الشعب الكردي». ويهدف التنظيم من الهجوم على عين عرب، إلى ضمان حرية حركة في القسم المهم الخاضع لسيطرته على الحدود التركية وتعزيز سيطرته في شمال سورية حيث يحتل مناطق واسعة، إضافة إلى مناطق واسعة في العراق المجاور. وفي استراتيجيته المضادة لتنظيم «الدولة الإسلامية» المعلنة في أيلول (سبتمبر) الماضي، أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي تنفذ بلاده غارات جوية على مواقع المسلحين الإسلاميين المتطرفين منذ الثامن من آب (أغسطس)، أنه مستعد لتنفيذ غارات مماثلة في سورية. لكن، لم يتم تنفيذ أي عمل عسكري في هذا البلد. في شمال شرقي البلاد، أفاد «المرصد السوري» بأن تنظيم «الدولة الإسلامية» اعتقل أمس ثمانية مواطنين في مدينة البوكمال التابعة ل «ولاية الفرات»، واقتادهم إلى جهة مجهولة «على خلفية مكمن وهجوم نفذه مسلحون مجهولون على مجموعة للتنظيم في منطقة البوكمال، ما أدى إلى مصرع ثلاثة مقاتلين من الجنسيات البريطانية والعراقية والتونسية».