غادر المغامر البريطاني السير رانولف فاينز الذي يوصف بأنه «أعظم مستكشف حي»، الاثنين مدينة الكاب في رحلة الى «المجهول» يعبر خلالها أنتاركتيكا في الشتاء عن طريق التزلج للمرة الأولى في التاريخ، من دون مساعدة ولا إمكانية لإغاثته. وقد أبحرت السفنية من مرفأ الكاب في جنوب إفريقيا على أن تصل إلى القارة المتجمدة نهاية الشهر الحالي. وسيكون أمام فاينز (68 عاماً) ورفاقه الخمسة أسابيع قليلة للاستعداد للرحلة المقررة في آذار/مارس والتي ستستمر ستة أشهر يقطعون خلالها أربعة آلاف كيلومتر. وتعد أشهر حزيران/يونيو وتموز/يوليو وآب/أغسطس هي أشهر الشتاء في نصف الكرة الجنوبي. وتسجل في منطقة أنتاركتيكا أدنى درجات الحرارة على سطح الأرض تصل إلى 90 درجة مئوية تحت الصفر. ورانولف فاينز يعرف أنتاركتيكا من قبل، إذ إنه عبرها سيراً على الأقدام ومن دون مساعدة بين العامين 1992 و1993. وكان المستكشف الأول الذي يقوم بجولة حول العالم سيراً على الأقدام وعلى متن مركب شراعي، عابراً القطبين بين العامين 1979 و1982. وحقق فاينز الذي وصفته موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية بأنه «أعظم مستكشف حي» إنجازاً آخر عندما ركض سبعة سباقات ماراثون في غضون سبعة أيام في القارات الخمس سنة 2003. ومن إنجازاته أيضاً أنه تسلق جبل إيفرست في سن الخامسة والستين. ويقول السير فاينز الذي يعتبر أسطورة حية في بلاده «نقوم ببعثات استكشافية منذ 40 عاماً، وقد حطمنا عدداً كبيراً من الأرقام القياسية في العالم، وسجلنا رقمين قياسيين في أنتاركتيكا، لكن في الصيف». ويشرح «نحن إذاً لا نملك خبرة أكثر من غيرنا في الرحلات الشتوية. فلم يقم أحد حتى اليوم بهذه الرحلة في الشتاء، نحن إذاً ذاهبون إلى المجهول». وخلال الرحلة التي سيكون معظمها في الظلام، سيواجه الفريق ظروفاً قاسية ودرجات حرارة تبلغ حوالى سبعين درجة مئوية تحت الصفر. وعندما ينطلق الفريق في رحلته، لن يكون بالإمكان إغاثته. ويقول فاينز: «سترحل كل الطائرات وكل السفن عن أنتاركتيكا لمدة ثمانية أشهر، وسنكون وحدنا في وضع يمكن أن نفارق فيه الحياة». ويضيف: «لذلك، سنحاول أن نأخذ معنا مؤونة تكفينا لمدة سنة، وسيكون معنا طبيب، ما يجعل هذه البعثة الاستكشافية البعثة الأكثر أهمية والأكثر صعوبة التي نقوم بها حتى اليوم». وفي هذه البعثة المسماة «ذي كولدست جورني» (الرحلة الأكثر برودة)، سيتزود السير رانولف فاينز وشريكه بأجهزة رادار لرصد التصدعات، وستتبعهما عربتان جرارتان لنقل المعدات والغذاء والوقود وبقية أعضاء الفريق. ويوضح فاينز أن: «من يغادر عربته ويقرر التزلج عليه أن يدرك أنه سيموت إذا سارت الأمور بشكل سيئ كما حصل قبل مئة سنة». وقبل الانطلاق، إختبر أعضاء الفريق ملابسهم ومعداتهم على حرارة 58 درجة مئوية تحت الصفر في بريطانيا و45 درجة مئوية تحت الصفر في السويد. ويشرح فاينز: «سوف نستعمل كل المعدات الممكنة لندفئ أنفسنا وسوف نتزود بأجهزة تنفس جديدة». ويعتبر أنتون بورينغ وهو أحد الأعضاء في الفريق أن هذه المغامرة هي «من أكبر التحديات القطبية». ويقول: «عندما يرانا الخبراء والأشخاص الذين يعرفون أنتاركتيكا جيداً، سيفكرون في أن ما نقوم به جنوني. سوف نرى». ويضيف: «نحضر أنفسنا لهذه الرحلة منذ خمس سنوات، ونعتقد أننا درسنا كل المشاكل التي قد تواجهنا». وتحمل البعثة أيضاً هدفاً إنسانياً يتمثل بجمع 10 ملايين دولار لصالح جمعية تعنى بمساعدة المكفوفين.