القدرة على الإنجاب تتراجع عند معشر الرجال، فالبحوث العالمية الحديثة التي تناولت هذه القضية تشير إلى وجود تدهور تدريجي في خصوبتهم بسبب نقص في عدد الحيوانات المنوية، وظهور تشوهات في شكلها، وتبدلات في نسبة حركتها، وتدهور في وظائفها. والتراجع في القدرة الإنجابية لدى الذكور لا يقتصر على دول أو قارة معينة، بل أصبح واضحاً على مستوى العالم كله، وقد تم تأكيد هذه الحقيقة في أكثر من دراسة، جاءت نتائجها لتسجل تراجعاً في خصوبة الرجال بمعدل الثلث تقريباً. وإذا ما استمر التدهور في القدرة الإنجابية في السنوات المقبلة فستكون له تداعيات كبيرة صحية واجتماعية وبيئية وديموغرافية. إن تدهور خصوبة الرجل الحديث جاءت نتيجة عوامل دخلت على حياته، كالتدخين والمخدرات والعقاقير الهورمونية والتلوث والهاتف الخليوي والغذاء الغني بالدهون والسموم والخلطات العشبية المجهولة المصدر وارتداء الملابس الضيقة والإصابة المتكررة بالالتهابات التناسلية، والأمراض التي تسبب الضعف الجنسي كالداء السكري. إذاً، هناك عوامل كثيرة متشعبة ومتورطة في موضوع تراجع خصوبة الرجل، لكن أحداً لا يعرف حتى الآن العوامل الأكثر أهمية على هذا الصعيد، إلا أن الباحث ريتشارد شارب أستاذ الصحة الإنجابية في جامعة أدنبرة البريطانية، يميل أكثر إلى توجيه التهمة إلى عاملين هما النظام الغذائي الذي يحتوي على نسبة عالية من الدهون، والتعرض إلى المواد الكيماوية المتناثرة هنا وهناك في أنحاء المعمورة. لكن اللافت في هذا الأمر ان بحوثاً حديثة أشارت إلى عوامل لا تخطر على البال لها دورها في تراجع خصوبة الذكور، ومن هذه العوامل: الحليب ومشتقاته. فقد كشفت دراسة جديدة أن الشباب الذين يتناولون أكثر من ثلاث شرائح من الجبن في اليوم قد يعرّضون خصوبتهم للخطر. وفي هذا النطاق، ذكرت صحيفة «دايلي ميل» البريطانية أن الباحثين في جامعة هارفرد للصحة العامة في بوسطن، وجدوا أن الرجال الذين يتناولون ثلاث حصص غذائية فقط من الجبن يومياً تضعف لديهم نوعية الحيوانات المنوية مقارنة بغيرهم. كما وجدوا أن الكميات الصغيرة أيضاً من الألبان الكاملة الدسم أظهرت ضعفاً دراماتيكياً في الخصوبة. ويعتقد الباحثون أن الهورمونات النسائية الموجودة طبيعياً في الحليب ومشتقاته قد تتدخل في قدرة الرجال على الإنجاب. وقد قارن العلماء الأنظمة الغذائية ل 189 شاباً في عمر يتراوح بين 19 و25 عاماً، لم يعانِ أحدهم من الوزن الزائد وجميعهم نحيفون ويمارسون الرياضة لمدة لا تقل عن ساعة ونصف ساعة في الأسبوع. وملأ الشبان استمارة أجابوا فيها عن أسئلة تتعلق بتناولهم منتجات الحليب والفواكه واللحوم وأنواعاً أخرى من الأغذية في الأسبوع. وعندما ألقى الباحثون نظرة فاحصة على نوعية الحيوانات المنوية للمشاركين وسرعة حركتها وشكلها، وجدوا أنها أضعف بنسبة 25 في المئة عند الذين يتناولون أكثر من ثلاث حصص من مشتقات الحليب الكامل الدسم في اليوم. وقالت الباحثة المسؤولة عن الدراسة مريم أفييش، إن هورمون الإستروجين الأنثوي الموجود في الحليب عند الأبقار، قد يؤثر في خصوبة الرجال، كما أن المبيدات الحشرية التي قد تجد لها طريقاً إلى منتجات الحليب قد تلعب دوراً في العملية. مضادات الأكسدة. هناك دراسات أكدت وجود علاقة ما بين مضادات الأكسدة والخصوبة عند الرجل. فشح مضادات الأكسدة في الواردات الغذائية يؤثر سلباً في الحيوانات المنوية. وفي هذا الإطار كشفت دراسة نشرها باحثون في جامعة غرب أستراليا، أن الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة تزيد من خصوبة الرجال الذين يكثرون من تناولها (مثل الجزر والبطاطا والمانغا واللوز)، إذ يتمتع هؤلاء بمعدل خصوبة يفوق ذاك الموجود عند نظرائهم الذين يتناولون نظاماً غذائياً فقيراً بتلك المضادات. وقد وجدت الدراسة التي نشرت العام الماضي في «ليترو أي كولاي» أن أفضل وسيلة دفاعية ضد فساد السائل المنوي هي الجمع بين نوعين قويين من مضادات الأكسدة مثل الفيتامين أ، والفيتامين بيتا كاروتين. كما أظهرت الدراسة أن تناول مأكولات معينة مثل البطيخ الأصفر والمشمش واليقطين والمانغا والأطعمة ذات اللون البرتقالي الغنية بمادة الكاروتين، اضافة الى اللوز وزيت فول الصويا والبروكولي الغنية بالفيتامين ي، يساعد في الحفاظ على جودة السائل المنوي عند الرجال. ونوهت الدراسة إلى أن الحيوانات المنوية للذكور التي تغذت على الأغذية الغنية بمضادة الأكسدة تغلبت بسهولة على الحيوانات المنوية للذكور المنافسة التي حرمت من مثل تلك الأغذية. السمنة. أشارت دراسة فرنسية عُرضت العام الماضي في استوكهولم في إطار مؤتمر الجمعية الأوروبية للتناسل البشري، إلى أن السائل المنوي لدى الرجال البدناء أقل غنىً بالحيوانات المنوية، ما قد يؤثر مباشرةفي خصوبتهم. الدراسة أجراها في أواخر عام 2010 فريق بقيادة الدكتور بول كوهن-باكري المدير العلمي لمختبرات «ايلو- يونيلابز» لعلم الأحياء الطبي في باريس التي تضم مختبرات من 12 بلداً أوروبياً. وحلل الباحثون حجم السائل المنوي، وحموضته، وكثافة الحيوانات المنوية في الميلليلتر الواحد من السائل المنوي، اضافة إلى عددها الكامل، وحركتها، وحيويتها، ونسبة الأشكال غير العادية وغيرها. النتائج النهائية للدراسة بينت أنه كلما زادت نسبة السمنة انخفضت نوعية السائل المنوي، لا سيما لجهة كثافة الحيوانات المنوية وعددها الكلي وحركتها وحيويتها. ويشير الاختصاصيون في مجال الإنجاب بمساعدة طبية إلى أنه يكفي أحياناً أن يتخلص المصاب من الوزن الزائد لحل مشكلة ضعف الخصوبة لديه. وعلى صعيد العلاقة بين السمنة والخصوبة عند الذكور، أظهرت دراسة حديثة نشرت على الموقع الإلكتروني لعلم الغدد الصماء السريري، أن السمنة خلال مرحلة المراهقة يمكن أن تؤثر سلباً في خصوبتهم في المستقبل. الدراسة قام بها باحثون من جامعة ولاية نيويورك على مجموعة من المراهقين تتراوح أعمارهم بين 15 و 20 سنة من أجل تقويم أثر السمنة في تركيز مستوى هورمون الذكورة التيستوستيرون في مرحلة البلوغ وما بعدها. النتائج التي تمخضت عنها الدراسة، أوضحت أن تركيز هورمون التيستوستيرون انخفض عند الأشخاص المصابين بالسمنة بنسبة بلغت 40 و50 في المئة، مقارنة مع أقرانهم الذين كانت أوزانهم طبيعية. وبناء عليه خلص الباحثون إلى أن السمنة خلال مرحلة المراهقة، قد ترتبط بتراجع مستويات هورمون التيستوستيرون عند الذكور، الأمر الذي قد يؤثر سلباً في قدرتهم الإنجابية مستقبلاً. 10 نصائح أساسية للإنجاب 1- التوقف عن التدخين لأنه يؤثر في عدد الحيوانات المنوية ويشل من حركتها. 2- دعم الغذاء ببعض العناصر الحيوية المنشطة للحيوانات المنوية مثل الفيتامين سي، والفيتامين ب9، ومعدن السلينيوم، والزنك. 3- الحفاظ على الوزن المثالي. 4- الابتعاد عن مصادر التلوث. 5- عدم المبالغة في حمامات السونا. 6- الابتعاد عن ارتداء الثياب الضيقة التي ترفع من حرارة جو الخصيتين. 7- اتباع نظام غذائي صحي فقير بالدهون المشبعة، وغني بمضادات الأكسدة ومنتجات البحر. 8- تجنب التوترات والضغوط النفسية. 9- تناول المشروبات المنبهة باعتدال. 10- ممارسة نشاط رياضي وتفادي الرياضات العنيفة. [email protected]