حاولت وزارة الخارجية الأميركية قدر الإمكان «تبييض سجلها» في قضية اعتداء بنغازي في 11 أيلول (سبتمبر) الماضي، معترفة في جلسات استماع ب «التقصير» و «الأخطاء» لكنها في الوقت نفسه وجّهت أصابع الاتهام إلى الاستخبارات الأميركية وقوات الأمن الليبية والتمويل المتقطع من الكونغرس كجزء من التقصير في التعامل مع الحادث الذي أودى بحياة السفير كريس ستيفنز وثلاثة أميركيين آخرين. وفي جلسات استماع أمام لجان الخارجية في مجلسي الشيوخ والنواب، أكد كل من نائب وزيرة الخارجية بيل بيرنز والنائب الثاني توماس نايدز أن الوزارة ستحتضن توصيات لجنة التحقيق في الاعتداء والتي دعت إلى سد الثغرات الأمنية وتحصين الوجود الديبلوماسي للأميركيين حول العالم. وقال بيرنز «ليس لدينا كل الإجابات بعد عن الفاعلين (وراء الهجوم) إنما نسعى جاهدين إلى كشفهم»، مشيراً إلى أن «مكتب التحقيقات الفيديرالي وبمشاركة السلطات الليبية» يعمل على ذلك. وأضاف بيرنز «أن من المؤكد أن ما حدث في بنغازي هو اعتداء إرهابي إنما من غير الواضح تورط أي إرهابيين وما كانت أهدافهم». واعترف بيرنز ونايدز بأخطاء ومؤشرات تجاهلتها الخارجية الأميركية في الاعتداء. وقال بيرنز في هذا المجال: «أخطأنا في افتراضنا أننا لن نكون الهدف الأساسي» في أي اعتداء من هذا النوع. وأقر بوجود «قلق عام من الوضع في شرق ليبيا، وعدم جاهزية الحكومة الموقتة يومها». وأشار إلى أن الوزيرة هيلاري كلينتون التي تغيّبت عن الجلسة لأسباب صحية، بحثت هذه المخاوف الأمنية مع الجانب الليبي، على رغم أن ذلك لم يترجم على الأرض في إجراءات لتكثيف الحماية الأمنية للسفارة في طرابلس أو قنصلية بنغازي. وكان لافتاً توجيه نايدز أصابع الاتهام إلى وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي.آي.أي) في وضع الردود الأولى على الاعتداء، والتي لم تصفه بالإرهابي. وقال نايدز إن «الاستخبارات تولت تعديل النقاط فيما كانت جهود (وزارة) الخارجية منصبة على إنقاذ الديبلوماسيين». وأثار الغموض في الردود الرسمية الأولى بعد الاعتداء، جدلاً لعدم ربطه بداية بمجموعة إرهابية، واعتباره ناتجاً عن التظاهرات الشعبية ضد الفيلم المسيء للإسلام. وكلّف هذا التفسير لما حصل سفيرة أميركا في الأممالمتحدة سوزان رايس طموحها لتولي وزارة الخارجية، بعدما تولت الدفاع الإعلامي عن الإدارة إزاء ما حصل في بنغازي. ويأتي تحميل ال «سي.آي.أي» مسؤولية نصّ الردود الإعلامية التي أدلى بها مسؤولو إدارة باراك أوباما بعد الهجوم، ليتناقض مع مزاعم المدير السابق للوكالة ديفيد بترايوس الذي أصرّ في جلسات مغلقة أمام الكونغرس بعد استقالته أن الوكالة عرفت منذ «بداية الاعتداء أنه عمل إرهابي». وحمّل رئيس لجنة العلاقات الخارجية السيناتور جون كيري الكونغرس جزءاً من المسؤولية لعدم توفيره الموازنة المطلوبة في الوقت المرجو لحماية السفارة في ليبيا. وحض كيري، المتوقع تعيينه وزيراً للخارجية خلفاً لكلنتون، النواب على توفير ال1.4 بليون دولار لزيادة الإجراءات الأمنية في الموازنة الخارجية. وتحدث كيري عن وجود «مؤشرات تحذيرية» عن تردي الوضع في ليبيا وأن الوزارة قصّرت في تجاهلها.