واجه المدير المستقيل لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي) الجنرال ديفيد بترايوس أعضاء الكونغرس أمس، في جلسة استماع مغلقة تمحورت حول تفاصيل اعتداء على القنصلية الأميركية في مدينة بنغازي الليبية في 11 أيلول (سبتمبر) الماضي، وما إذا كانت استقالته بعد فضيحة عاطفية، متصلة بالاعتداء، أو بتسريب وثائق سرية لعشيقته السابقة بولا برودويل، وهو ما نفاه الجنرال. ترافق ذلك مع توجيه الجمهوريين انتقادات متصاعدة لسفيرة الولاياتالمتحدة لدى الأممالمتحدة سوزان رايس والتي يحتمل تعيينها وزيرة للخارجية. وشارك بترايوس في جلسة الاستماع المغلقة للجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ من موقع المدني، وسط تساؤلات كثيرة طرحها نواب عن توقيت الاستقالة مع التحقيق الخاص باعتداء بنغازي، وما جرى تسريبه بين بترايوس وبرودويل منذ تولى الأول إدارة «سي آي أي» العام الماضي حتى منتصف الصيف. وأشارت صحيفة «وول ستريت جورنال» أمس إلى استغراب مسؤولين كثيرين في الوكالة، العلاقة بين بترايوس وبرودويل، وكون العشيقين السابقين أمضيا أوقاتاً طويلة معاً، مع نجاحهما في إخفاء العلاقة. لكن الفضيحة جاءت، وفق الصحيفة، في وقت متشنج ل «سي آي أي»، ووسط خلافات بين بترايوس ومدير الوكالة الوطنية للاستخبارات جيمس كلابر الذي أغضبته محاولة الجنرال تسريب تفاصيل عن اعتداء بنغازي، آخرها معلومات نشرتها صحيفة «واشنطن بوست» عما عرفته الوكالة قبل الاعتداء وطريقة ردها. كما شملت الخلافات الغارات الجوية للطائرات بلا طيار والتي كان بترايوس أكثر حساسية لها من آخرين في الوكالة، بسبب اعتبارات ديبلوماسية. وأفادت «وول ستريت جورنال» بأن الرئيس باراك أوباما لم يمانع في استقالة بترايوس ولم يقنعه بالبقاء، مشيرة إلى أن الجنرال لا يرتبط بعلاقات قوية مع «الدائرة الداخلية» للبيت الأبيض المحيطة بأوباما، على رغم الاحترام الفائق الذي يحظى به بسبب تجربته في العراق وأفغانستان. ولفت التقرير إلى تجاذبات داخل «سي آي أي» حول تصرفات بترايوس وخلفيته العسكرية، والتي فرضت تعاملاً أكثر صرامة يختلف عن النمط التقليدي في الوكالة. لذلك، قد يلجأ أوباما إلى تعيين خليفة مدني لبترايوس على رأس الوكالة، من أجل ضمان تنسيق أكبر داخلها. إلى ذلك، عزز دفاع أوباما القوي عن رايس خلال مؤتمره الصحافي الأول بعد إعادة انتخابه رئيساً في 6 الشهر الجاري، وتأكيده دورها «المثالي» في الأممالمتحدة، فرص تعيينها وزيرة للخارجية، على رغم اعتراض نواب جمهوريين. وتحظى رايس بحضور «نجومي» أقوى من السيناتور جون كيري الذي ينافسها على المقعد، على رغم عدم امتلاكها الخبرة والوزن الخارجي اللذين يتمتع بهما كيري. ويحبذ نائب الرئيس جوزف بايدن اختيار كيري للمنصب، فيما يعترض زعيم الأكثرية الديموقراطية في مجلس الشيوخ هاري ريد، لأن هذا التعيين سيخلق فراغاً في مجلس الشيوخ، ويعيد فتح صناديق الاقتراع في ولاية ماساتشوستس واحتمال خسارة الديموقراطيين المقعد. لكن تأكيد الوزيرة هيلاري كلينتون استعدادها للبقاء فترة أطول (حتى مطلع الربيع)، وحتى الانتهاء من التحقيق في اعتداء بنغازي، يعطي أوباما وقتاً أطول ويمنح رايس فرصة لتحييد اعتداء بنغازي عن جلسات الاستماع، بالتالي تسهيل نيلها الأصوات ال60 المطلوبة لتسلم مهمات حقيبة الخارجية.