لم يفت التقرير السنوي الذي أصدرته وزارة الاتصالات في لبنان عن توصيفها للسنة الممتدة بين حزيران (يونيو) 2011 وحزيران 2012، أن تستهل بوصف الوضع العام في البلاد، لافتة إلى وصول نسبة البطالة إلى قرابة 45 في المئة واستمرار نزيف الأيدي والعقول عبر هجرة الشباب من بلاد الأرز. ورصد التقرير أن سرعة الإنترنت ارتفعت ب15 في المئة على الشبكة الثابتة، و18 في المئة على شبكات الخليوي، كما سجّلت سعة الاتصال بالكابل الدولي للإنترنت في لبنان ارتفاعاً بقرابة 11 ضعفاً. وأورد أن تكاليف الاتصال مع الإنترنت عبر «دي أس أل» DSL («ديجيتال سبسكاريبر لاين» Digital Subscriber Line) انخفضت بالنسبة للأفراد بمعدل 80 في المئة، وهو رقم ربما أثار نقاشاً عن طريقة احتسابه، خصوصاً مع الشكوى الواسعة من اضطراب الاتصال مع الإنترنت عبر الخليوي، وملاحظة أن التقرير لم يميّز بين حسابات البطاقات المسبقة الدفع وخطوط الخليوي الثابتة. وربما تنطبق الملاحظة عينها على إشارة التقرير إلى انخفاض أسعار الإنترنت عبر الخليوي ضمن برنامج «يو شات» U- Chat، بمعدل 72 في المئة، وانخفاضها عبر شبكات الخليوي عموماً بمقدار 40 في المئة. وأشار إلى أن هذه الخدمة تصبح مجانية وغير محدودة بين منتصف الليل والسابعة صباحاً. فقدان التنافسية مع الخليج وبيّن التقرير الرسمي عينه أن سعر الاتصال بالإنترنت للشركات انخفض بمقدار 84 في المئة، لكنه لم يورد مقارنة مع أسعار هذه الخدمة في دول المنطقة، وهو أمر مهم بالنسبة لتبيان الوضع التنافسي للبنان بالنسبة لدول المنطقة التي تشهد نمواً هائلاً في هذا القطاع، مترافقاً مع انطباع بتدني قدرة لبنان على المنافسة في قطاع الاتصالات المتطورة، خصوصاً بالمقارنة مع دول الخليج العربي التي باتت بؤرة جذب دولية في هذا المجال. وأورد التقرير أن عدد المشتركين في خطوط الإنترنت السريع «دي أس آل»، لامس 20 في المئة مترافقاً مع زيادة الخدمات على هذه الخطوط ب158 في المئة. وأقرّ التقرير باستمرار التدني في جودة المكالمات الصوتية، وأرجعها إلى استمرار الاعتماد على شبكات الجيل الثاني من الخليوي كأساس للتخابر خليوياً. واستطراداً، لم يتعرض التقرير إلى واقع يلمسه اللبنانيون يومياً، يتمثّل في الارتفاع الهائل في كلفة الاتصالات الدولية عبر الخليوي، خصوصاً بالمقارنة مع نظيراتها في المنطقة. ولم يبد مقنعاً تباهي التقرير بمد خدمات ال «واي فاي» في 3 حدائق عامة في لبنان، بالنظر إلى الأحوال التي تعيشها هذه الحدائق ومحدودية عدد مرتاديها. ولاحظ تقرير وزارة الاتصالات استمرار الارتفاع في مشتركي الخطوط الهاتفية الثابتة، الذين وصل عددهم إلى 854 ألف مشترك، مشيراً إلى تخفيض سعر التخابر ب40 في المئة بين التاسعة ليلاً والسابعة صباحاً. ولم يُعرف بعد رأي الجمعيات الأهلية في لبنان، مثل «جمعية حماية المستهلك»، في هذه الأرقام. وتذكيراً، تقدّم خدمات الخليوي في لبنان من قِبل شركتين، منذ عام 1994. ولم يُتَح المجال أمام منافسة من مشغّل ثالث، وهو أمر كان موضع نقاش، أُشير فيه دوماً إلى وجود فساد واسع في المسائل المرتبطة بالخليوي وشبكاته لبنانياً. وتحدث التقرير عن اعتماد تقنية الجيل الثالث من الخليوي «3 جي+» 3G+ ابتداء من تشرين الأول (أكتوبر) 2011، لافتاً إلى زيادة المشتركين فيها بنسبة 158 في المئة في أقل من سنة، مع وصول عددهم إلى 772 ألفاً. ولم يتحدث التقرير عن نوعية هذه الخدمة، ولا عن مدى تغطيتها للأراضي اللبنانية. وعلى رغم أن أوضاع السياسة في لبنان تجعل النقاش عن التقنيات التي ترسم صورة الحياة اليومية المعاصرة، يبدو وكأنه ترف في غير موضعه، فإن أهمية هذه التقنيات وتغلغلها في مسار العيش اليومي للفرد والمجتمع، يفرضان المثابرة على إعلاء النبرة في النقاش عن هذه الأمور. ومجدداً، ما رأي الجمعيات الأهلية ونشطاء الإنترنت ومنظمات المجتمع المدني، في التقرير وأرقامه ومعطياته؟