أفاق الفلسطينيون أمس على واقع سياسي جديد، بعد الاعتراف بفلسطين دولة ومنحها صفة مراقب في الأممالمتحدة. لكن واقعهم الفعلي لم يتغير، إذ بقي جيش الاحتلال الاسرائيلي في مواقعه، وواصلت المستوطنات التوسع على أرضهم من دون توقف. وشهدت الضفة الغربية أمس مسيرات احتفالية عقب صلاة ظهر الجمعة، فيما أغرق الجيش الإسرائيلي تظاهرة في بلعين بالقنابل المسيلة للدموع، ما أدى إلى إصابة متظاهرين. وكان الفلسطينيون احتفلوا بالحصول على مكانة «دولة مراقب» في الأممالمتحدة حتى الصباح الباكر، وأقيمت حلقات الغناء والدبكة الشعبية في مراكز المدن والتجمعات السكانية في الضفة بعد التصويت لصالح طلب فلسطين في الجمعية العامة رفع تمثيلها من «منظمة مراقب» إلى «دولة مراقب» عند منتصف ليل الخميس-الجمعة. وتلقى الفلسطينيون نتائج التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة عبر شاشات عرض أقيمت في الميادين الرئيسة في المدن والتجمعات المختلفة، وما إن أعلنت النتيجة، حتى انطلقت الهتافات والأناشيد ولوحت الأعلام. وقال شاب يحمل العلم الفلسطيني وسط مدينة رام الله: «أشعر أنني ولدت من جديد». وأوضح الشاب محمد سرور (28 عاماً) وهو يلتقط الصور من هاتفه النقال للمحتفلين: «عشت طوال عمري تحت الاحتلال، ولا يعرف معنى الاستقلال والحرية سوى من عاش تحت ظلم الاحتلال وقهره». وأضاف الشابان مجدي أبو مياله (22 عاماً) ووسام أبو ميالة (19 عاماً) أنهما حضرا من مدينة القدسالمحتلة للمشاركة في الاحتفالات، وقال مجدي: «هذه البداية، إعلان اليوم سيكون جسراً للدولة الكاملة مستقبلاً». من جانبه، قال عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» جبريل الرجوب: «ميلاد فلسطين تأخر 65 عاماً، لكنه أخيراً جاء». وأضاف: «حصلنا على الاعتراف، والآن سنبدأ بتجسد الدولة المستقلة على الأرض، وسنعمل على حماية حدودنا من الاحتلال والمستوطنين». ورأى أن «الأولوية ستكون للمصالحة وتوحيد الضفة وغزة، والشروع في تجسيد الدولة على ألارض». وقال مسؤولون فلسطينيون إن اجتماعاً للقيادة الفلسطينية سيعقد قريباً في القاهرة للبحث في الخطوات المقبلة. وأوضح مسؤول أمني رفيع أن نقاشاً يدور في المؤسسة الأمنية لمنع دخول الجيش الإسرائيلي إلى مناطق السلطة الفلسطينية. وتنص التفاهمات بين السلطة وإسرائيل على عودة رجال الأمن الفلسطينيين إلى مراكزهم في حال تلقيهم إشعاراً من الجيش الإسرائيلي بالدخول إلى المنطقة. وقال مسؤولون في الحكومة إنها بحثت في الاجتماعات الأخيرة تغيير الأوراق الرسمية من السلطة إلى دولة فلسطين، وتحويل مكاتب التمثيل الديبلوماسي الفلسطيني في شأن العالم إلى سفارات. وأوصى طاقم من الخبراء القيادة السياسية بالتوقيع على عدد من المعاهدات الدولية المهمة، مثل «ميثاق روما» و «اتفاقية جنيف الرابعة»، وكلاهما يتعلقان بحماية المدنيين تحت الاحتلال. كما أوصى الفريق بالانضمام إلى جميع الوكالات الدولية، مثل منظمات الصحة والتجارة والطفولة ومحكمة الجنايات الدولية. وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صالح رأفت، إن الرئيس عباس سيعقد اجتماعاً للإطار القيادي الموقت لمنظمة التحرير في القاهرة قريباً. وأضاف أن رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل، والأمين العام لحركة «الجهاد الإسلامي» رمضان شلح سيحضران الاجتماع الذي سيبحث المصالحة والخطوات المقبلة بعد الحصول على مكانة عضو مراقب في الأممالمتحدة. ورجح مسؤولون فلسطينيون ألّا يسارع عباس إلى اتخاذ إجراءات دراماتيكية من شأنها قلب المعادلة القائمة على الأرض في هذه المرحلة، لكنهم استبعدوا في الوقت نفسه العودة إلى المفاوضات مع إسرائيل من دون وقف الاستيطان. وقال الرجوب: «الكرة الآن في ملعب الراعي الأميركي»، متسائلاً: «هل وظيفة أميركا أن تحمي المحتل؟ بالنسبة إلينا لا يوجد شريك في إسرائيل للتفاوض معه، ودور الراعي الأميركي هو التدخل لوقف الاستيطان إذا ما أراد إحياء العملية السياسية».