طوال أسبوعين متتاليين، شهدت مونتريال واحداً من أهم مهرجاناتها السنوية العالمية. ويجسد المهرجان المخصص لأفريقيا ما تختزنه القارة السوداء وامتداداتها التاريخية في اميركا اللاتينية والكاريبي، من غنى وتنوع وتناغم في تلاوينها الثقافية والموسيقية التي تجمع الأصالة الافريقية والحداثة الغربية. تميز المهرجان هذا العام بوفرة الفرق الفنية التي ضمت اكثر من 500 مغن وموسيقي وراقص ينتمون الى 30 بلداً افريقياً. وشهد اكثر من 30 عرضاً بعضها في قاعات مغلقة ضجت بالحضور تحسباً لهطول الأمطار، وبعضها الآخر في الهواء الطلق استقطب آلاف المشاهدين كباراً وصغاراً. وارتدى المشاركون الأفارقة الأزياء التقليدية المزركشة بالألوان. وتنكر بعضهم بأقنعة على شكل حيوانات برية، أو تزين بريش الطيور أو بلوحات على الأجساد تعبيراً عن طقوسه الدينية أو أعرافه الاجتماعية والقبلية. أما العروض الفنية، فكان بعضها أشبه بمقطوعات موسيقية من الفسيفساء الافرو - لاتينية Salsamuffin، وبعضها الآخر جاء مزيجاً من تراث الجزائر والمغرب تألقت في أدائه أوركسترا البربر الوطنية، علماً ان هذا الموزاييك الموسيقي كان يتناغم مع ما تؤديه الفرق الموسيقية الأخرى من الحان الجاز وال «فانك» وال «روك» وال «هيب هوب» وال «سالسا»، ما ألهب الحضور... الى درجة ان بعض الساحات والمسارح تحولت حلقات للرقص الجماعي في شكل عفوي. وتشديداً على هوية المهرجان وأصالته الأفريقية، أقيمت على هامشه سوق شعبية عرضت فيها آلات موسيقية تراثية وحرفيات ومستحضرات للتجميل وعطور وهدايا ولوحات فنية وأنواع من المأكولات والحلويات الأفريقية... وغيرها. يذكر ان «ليالي افريقيا كان لها وقع لافت في عناوين الصحافة الفنية الكندية، على غرار «نجوم أفريقيا يتلألأون في مونتريال» و «ليالي أفريقيا مهرجان عالمي وعيد كبير». وكذلك في مقابلات بعض الفنانين الأفارقة كالمغنية صوفيا بلاينوز (السنغال) التي قالت: «على رغم اننا من بلدان افريقية مختلفة وقد لا يعرف الواحد منا الآخر، إلا ان ليالي افريقيا توحّدنا كل عام ونقدم للجمهور الكندي عيّنات من مخزوننا الثقافي والفني المشترك».