في اليوم الخامس لعملية «عمود سحاب» التي تشنها اسرائيل على قطاع غزة، تواصلت مساع متعددة الاطراف من اجل التوصل الى تهدئة اشترطت اسرائيل ان تكون «طويلة الامد» وان توقف الصواريخ، فيما اشترطت حركة «حماس» ان تؤدي الى توقف القصف والاغتيالات والحصار. وبموازاة هذه المساعي، واصلت اسرائيل غاراتها على قطاع غزة، وكان يوم امس الاكثر دموية، اذ خلف 23 شهيداً، بينهم 8 اطفال و8 اشخاص من عائلة واحدة، ليرتفع عدد شهداء العدوان الى 67 فلسطينياً، في حين واصل الفلسطينيون استهداف اسرائيل بالصواريخ، خصوصا تل ابيب، كما اسقطوا طائرة حربية ودمروا بارجة. وعلمت «الحياة» في القاهرة ان رئيس الاستخبارات المصرية اللواء رأفت شحاتة تسلم خلال لقائه رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل والامين العام لحركة «الجهاد الاسلامي» رمضان شلح شروط فصائل المقاومة الفلسطينية لابرام اتفاق تهدئة مع اسرائيل، وانه سلم هذه الشروط الى مسؤول اسرائيلي بانتظار رد تل ابيب عليها تمهيداً لصوغ اتفاق تهدئة يرضي الاطراف كافة. ولخص عضو المكتب السياسي ل «حماس» ل «الحياة» شروط التهدئة، قائلاً «وقف النار من الجانب الاسرائيلي، ووقف الاغتيالات، ورفع الحصار عن غزة»، مضيفاً ان «التهدئة يجب ان تكون بضمانات مصرية ودولية». وقال قيادي في «الجهاد» ل «الحياة» ان حركته «معنية بالتهدئة»، مشدداً على ان أي تفاهمات يجب ان يتضمن وقفاً متبادلاً لاطلاق النار، ووقف الاغتيالات وتسهيلات في مجالات محددة في المعابر لتخفيف معاناة اهالي غزة. من جانبها، حددت اسرائيل شروطها للتهدئة، وقالت اوساط قريبة من رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو انه ليس معنياً بتوسيع رقعة الحرب، بل يسعى الى اتفاق تهدئة جديد، بكفالة مصرية، يتضمن ضمانات بوقف اطلاق الصواريخ ووقف الهجمات المسلحة على الجيش بمحاذاة السياج الامني المحيط بقطاع غزة. وسادت في اسرائيل اجواء بأن الساعات ال 24 - 48 المقبلة ستكون حاسمة، ان لجهة قبول التهدئة او المضي في عملية برية، وسط ترجيح كفة التهدئة بسبب الضغوط الدولية (الاميركية والاوروبية) على اسرائيل لوقف الحرب والتجاوب مع المبادرة المصرية، وأيضاً بسبب الحسابات الانتخابية. وتواصل النقاش في اسرائيل في شأن توسيع العملية ام القبول بالتهدئة، وافاد المعلق العسكري ل «القناة العاشرة» في التلفزيون الاسرائيلي ان «اغتيال القيادي العسكري أحمد الجعبري وتدمير صواريخ بعيدة المدى هما أقصى ما يمكن أن يحققه الجيش ضد القطاع»، مضيفاً «تقريباً لم تتبقَّ أهداف في بنك الأهداف، وعليه تبحث إسرائيل عن مخرج يرضيها، مثل ضمان الهدوء على الحدود لفترة طويلة». وعن احتمالات وقف النار، قال وزير الدفاع ايهود باراك «سنواصل الضربات وتشديد العمليات، وإذا اقتضت الضرورة لن نتردد في القيام بعملية برية، سنقوم بما يلزم من أجل ضمان تحقيق الأهداف من هذه العملية ... لسنا ضد احتمال أن توقف حماس بأي طريقة النار، وعندها علينا أن ندرس الأمر والتأكد من أن العملية حققت أهدافها... وفي حال حصلت مفاجآت ايجابية سندرسها». ولخص الناطق باسم الجيش ما يجري بالقول للقناة الثانية «الجيش يواصل عملياته كأن لا محادثات في القاهرة. يتحرك بمعزل عنها والهدف واضح: تحسين الواقع الأمني الذي لا يطاق في جنوب إسرائيل». في هذه الاثناء، تواصلت التحركات الديبلوماسية لتثبيت التهدئة، اذ بدأ وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس امس زيارة لاسرائيل في مسعى الى التوصل لوقف لاطلاق النار. ومن المقرر ان يزور الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مصر للغاية نفسها، فيما اوردت وكالة «ريا نوفوستي» ان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف سيلتقي غداً نظيرته الاميركية هيلاري كلينتون على هامش قمة في بنوم بنه، وسيقترح عقد اجتماع للجنة الرباعية الدولية لبحث الوضع في غزة. كما اعلن الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي ان سبعة وفود ستزور غزة غداً، هي وفود لبنان والعراق والسودان ومصر والجزائر وفلسطين، الى جانب الامين العام للجامعة العربية. من جانبه، هاجم رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في كلمته أمام منتدى الأعمال المصري - التركي في القاهرة، العدوان الإسرائيلي، ووجه تحذيراً شديد اللهجة إلى نتانياهو، قائلاً «لسنا في عام 2008 نحن في عام 2012 والظروف مختلفة... يجب أن تدرك ذلك». ودعا إلى وقف إطلاق النار فوراً وبسرعة في غزة خلال 24 ساعة، مؤكداً أن المماطلة في ذلك أمر يُضر بالطرفين الإسرائيلي والفلسطيني. كما طالب برفع الحصار المفروض على قطاع غزة بشكل تدريجي حتى تهدأ المنطقة، وأن تبدأ المفاوضات بين الجانبين فورا.