أجمع المؤتمر المصرفي العربي، وعنوانه هذه السنة «الاستقرار الاقتصادي في مرحلة انعدام اليقين»، على ضرورة «الاستقرار السياسي والأمني» لتحقيق النمو وتوفير فرص عمل، في ضوء ما تملكه المنطقة من امكانات. ودعا رئيس مجلس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، الذي رعى افتتاح المؤتمر الذي نظمه اتحاد المصارف العربية في فندق فينيسيا في بيروت أمس، إلى «وضع خريطة طريق تعزز الاستقرار السياسي والأمني في وطننا العربي كمنطلق أساس لاستقرارنا الاقتصادي». واغتنم ميقاتي المناسبة متوجهاً إلى الداخل اللبناني، قائلاً: «لا يجب استخدام الاقتصاد من أجل أهداف سياسية، ولنجعل من الأمور الاقتصادية أولوية فتكون السياسة هي الآلية المحفزة والداعمة لها». وعرض ميقاتي مشاريع الحكومة، لافتاً إلى أنها «تدرس خطة عمل للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، وتمتد على أمد متوسط يتضمن منظومة من 80 إجراءً ومشروعاً في كل القطاعات، كما عملت على ملفات اقتصادية منها إحالة 80 مشروع قانون على المجلس النيابي منذ حزيران (يونيو) عام2011». وتوقع رئيس اتحاد المصارف العربية عدنان يوسف، «انخفاض النمو في المنطقة العربية إلى 3 في المئة هذه السنة، فيما ستسجل دول الخليج 4.9 في المئة، في مقابل 2 في المئة لمجموع الدول العربية الأخرى». وقدّر أن «ترد إلى المنطقة العربية استثمارات مباشرة بنحو 53 بليون دولار هذه السنة». ولفت إلى أن «موجودات القطاع بلغت نحو 2.6 تريليون دولار نهاية عام 2011، وودائعه 1.45 تريليون دولار، وقروضه 1.3 تريليون دولار، ورأس ماله 285 بليوناً». ولم يستبعد أن تكون الفترة المقبلة «صعبة»، ورأى أن «المستثمرين سيبقون في حال من الترقب، طالما استمرت التحولات السياسية». مواقف لبنانية وأكد رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب رئيس جمعية مصارف لبنان جوزف طربيه، أن «نجاح المصارف العربية في أداء دورها يتطلّب رسم استراتيجيات تتعامل بمرونة مع مجريات الأحداث الحاصلة على الساحات الدولية والإقليمية والمحلية». وشدد على أن «الإمكانات تزيد على حاجات تغطية التمويل والائتمان، لكن ما ينقصنا هو تعزيز الاستقرار الأمني والسياسي». وأشار إلى أن مصارف لبنان «تواصل أداءها الجيد على رغم الظروف»، لافتاً إلى أن الودائع «نمت بنسبة 5.4 في المئة في الشهور التسعة الأولى من السنة، مقارنة ب 6 في المئة في الفترة ذاتها من 2011 كما سجلت التسليفات نمواً نسبته 7.4 في المئة مقارنة بِ 11 في المئة، وسجل احتياط المصرف المركزي بالعملة الأجنبية المستوى الأعلى له متخطياً 35 بليون دولار نهاية تشرين الأول (أكتوبر) الماضي». ورأى رئيس اتحاد الغرف العربية عدنان القصار، أن الدول العربية «تواجه مقداراً من التراجع في مسيرة النمو والتنمية بفعل تباطؤ الاقتصاد العالمي». وشدد على أن التنمية فيها «تحتاج مزيداً من الأموال والموارد والجهد». واعتبر أن «مرحلة عدم اليقين تشكل هاجساً للمستثمرين العرب والأجانب، بالتالي تمثّل عائقاً في وجه النمو والتنمية، ما لم يُعمل على توجيهها في الاتجاه السليم». وحضّ على «توجيه الاستثمارات العربية بالأولوية نحو الاقتصادات العربية»، كاشفاً عن أن الاتحاد هو في صدد إعداد رؤية في هذا الشأن يرفعها إلى القمة الاقتصادية والاجتماعية والتنموية العربية المقرر عقدها في الرياض مطلع عام 2013». وتحدّث حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، عن «الأسباب المؤدية إلى القلق على المستقبل الاقتصادي والمالي عالمياً وفي المنطقة». وأشار الى أن لبنان «يبقى قادراً على تحقيق النمو الذي نتوقّع بلوغه 2 في المئة هذه السنة، كما يحافظ على قدراته المالية التي تمكّنه من تمويل حاجاته». وأعلن الاستمرار في «دعم رسملة المصارف اللبنانية إلى ما يفوق متطلبات «بازل - 3». وأكد «تجاوز مرحلة الشك بالتزام مصارفنا احترام القواعد الدولية لمكافحة تبييض الأموال، كما التزام تطبيق العقوبات التي أقرّت في الأممالمتحدة أو في الجامعة العربية أو إفرادياً في دول نتعامل بعملاتها أو مع مصارفها». وأعلن ان «التسليف سينمو بنسبة 10 في المئة هذه السنة»، لافتاً الى أن مصرف لبنان «سيطلق قريباً مبادرات جديدة لتوفير التسليف للإسكان وللطاقة البديلة وللقطاعات الإنتاجية». وشدد على أن المصرف المركزي «سيتابع سياسته الهادفة إلى استقرار الفوائد والليرة اللبنانية». وطمأن إلى أن «الإمكانات والمبادرات متوافرة لعودة لبنان إلى نسب نمو مرتفعة، عندما يستقر الوضع سياسياً ويتراجع القلق من الحوادث الأمنية». وقال سلامة لوكالة «رويترز» إن مصارف لبنان العاملة في سورية خسرت 400 مليون دولار منذ بدء الأزمة هناك. وتحدثت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد في بث حي عبر الأقمار الاصطناعية، معددة التحديات التي تواجه الدول العربية، خصوصاً تلك التي تشهد تحولات، والأولويات الواجب اعتمادها لتحقيق التنمية والنمو. وأكدت استعداد الصندوق لتقديم كل المساعدات التقنية والمالية للدول التي تحتاج إليها.