تعوّل المنطقة العربية على الثروة العربية لتنمية اقتصادية مستدامة، وأجمع المتحدثون في افتتاح المؤتمر المصرفي العربي السنوي 2009 في بيروت، على دور أساس للقطاع المصرفي العربي الذي يملك إمكانات ضخمة لاستثمارها في مشاريع تنموية في كل القطاعات، وعلى جهد الحكومات لتطوير التشريعات وفتح حدود البلدان العربية على بعضها لزيادة حجم التجارة والاستثمار البيني. وأعلن رئيس اتحاد المصارف العربية عدنان يوسف، في افتتاح المؤتمر الذي رعاه رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري ونظمه اتحاد المصارف العربية بالتعاون مع الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب، بعنوان «الاستثمار البيني العربي في ظل نظام اقتصاد عالمي مستجد»، أن المصارف العربية «تدير أكثر من 2.2 تريليون دولار من الموجودات، وتستند إلى قاعدة ودائع تفوق تريليون دولار، وتعمل بقاعدة رأسمالية تزيد على 200 بليون دولار». واعتبر أن ذلك «يؤشر إلى دورها الأساس في تنشيط الاستثمارات المحلية والإقليمية والمساهمة في إخراج الاقتصادات العربية من الأزمة الاقتصادية». ولفت إلى أن هذه المصارف «تتجه إلى تحقيق نمو معتدل في الأرباح يتراوح بين 5 و6 في المئة نهاية هذه السنة»، متوقعاً «نمو ودائعها وعملياتها التشغيلية بمعدل 8 في المئة في المتوسط، كما لا تمثّل الديون المتعثّرة للمصارف سوى واحد في المئة من قيمة المحافظ التمويلية منذ بداية أزمة المال». وشدد على دور المصارف في «توجيه الإمكانات العربية الضخمة إلى الاستثمار في القطاعات المنتجة والمشاريع داخل الإطار العربي – العربي». وكشف رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب رئيس جمعية مصارف لبنان جوزف طربيه، عن التطلع إلى «مناقشة خريطة طريق عربية ووضعها، يتقدمها تنقية الفرص الاستثمارية المتوافرة في البلدان العربية وتظهيرها، ومساعدة الحكومات على التطوير المنهجي لمناخات الاستثمار وإزالة أي تحفظات عن مساهمة القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والإفادة مما هو متوقع من حدوث نزوح مرتقب للاستثمارات من الأسواق غير الآمنة إلى أسواق أكثر أماناً وأقل مخاطرة، يمكن أن يشكل عالمنا العربي واحداً منها». ولاحظ طربيه أن «الأنظار لا تزال تتجه إلى منطقتنا، خصوصاً إلى الخليج العربي الذي تسجل اقتصاداته معدلات نمو جيدة». ورأى أن طبيعة المرحلة الراهنة بتداخلاتها الدولية والإقليمية وبأبعادها الاقتصادية والاجتماعية، «باتت تتطلب اليوم أكثر من أي يوم مضى فتح الأسواق العربية – العربية أمام حركة التجارة والاستثمار والمصارف بيسر وحرية، ما يستدعي من الحكومات العربية تحسين البنية القانونية لاقتصاداتها». وحضّ على تطوير أسواق المال، وتأسيس صناديق استثمارية متخصصة بتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة». وأعلن حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، تحديد توجهات أساسية لعام 2010 في لبنان، تتمثل في «الاستمرار في حضّ المصارف على التوسّع خارج لبنان، فضلاً عن إنشاء وحدة متخصصة بالإدارة الحكيمة لدى المصارف والمؤسسات المالية ومؤسسات الوساطة، والتأكّد من الفصل الكلي بين المصارف التجارية ومصارف الاستثمار، وحضّ المصارف على التسليف بالليرة اللبنانية، والعمل علىان ينشىء مصرف لبنان مديرية متخصصة بأنظمة الدفع قريباً». ورأى سلامة أن تراجع الفوائد على الإصدارات الحكومية بالليرة اللبنانية أو بالدولار، «خير دليل على ثقة المتعاملين مع الأسواق المالية اللبنانية في مستقبل أفضل للوضع الائتماني في لبنان». وأوضح أن هذه الثقة، «نلمسها من خلال ارتفاع الودائع بنسبة 20 في المئة على أساس سنوي، ومن تراجع الدولرة إلى 66 في المئة في مقابل 73 في المئة منذ سنة، ومن فائض في ميزان المدفوعات البالغة قيمته 6 بلايين دولار حتى نهاية تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، ومن ارتفاع قيمة تحويلات المغتربين البالغة، وفق البنك الدولي، 7 بلايين دولار لهذه السنة، ومن اقتصاد بنمو فعلي بنسبة 7 في المئة وفق تقديرات صندوق النقد الدولي». وأكد ممثل الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى رئيس بعثتها الى جنيف سعد الفرارجي، أن «أهم سمة للتطور الأخير في النظام الاقتصادي العالمي يتمثل في صعود شركاء جدد على الساحة الدولية». وكرّم المؤتمر بعد الافتتاح رئيس مجلس وزراء البحرين الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة بجائزة الرؤية القيادية في العمل المصرفي تسلمها محافظ مصرف البحرين المركزي رشيد المعراج، ورئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي جاسم المناعي بجائزة الريادة المصرفية. وأعلن المعراج في كلمة أن الجهود المطلوبة من المصارف العربية «ازدادت باعتبارها الوحيدة القادرة على إحداث التوازن المطلوب بين طموحات الدول العربية في النمو ومواجهة التداعيات التي أفرزتها الأزمة العالمية». وحضّ على «إيجاد مزيد من الفرص أمام القطاع الخاص للمشاركة في تنفيذ مشاريع التنمية الاقتصادية الوطنية وإقامة مشاريع عربية مشتركة لتعزيز العمل الاقتصادي العربي المشترك».