شكّل المؤتمر المصرفي العربي السنوي لاتحاد المصارف العربية بعنوان «الدور الدولي الجديد للمصارف العربية»، مناسبة لتأكيد إرادة التكامل الاقتصادي بين الدول العربية وتركيا، بعد التواصل السياسي من خلال دعم أنقرة القضايا العربية. وأكد رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، أن المؤتمر الذي رعى افتتاحه أمس في بيروت، «وجه من أوجه الرؤية الاقتصادية التكاملية العربية، نريد تطورها الى ما هو أبعد من الحدود الجغرافية والسياسية، ليتكون تكتل مصرفي اقليمي يكون في خدمة الدول العربية ودول الجوار، ذات الأهداف الاقتصادية والمصرفية المتكاملة معنا، وتأتي في طليعتها تركيا». ولفت رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، إلى أن إلغاء التأشيرات مع كل من لبنان وسورية والأردن وليبيا، هو «رفع الحصار عن شعوبنا المفروض منذ مئات السنين». وقال: «سنؤسس مجلس التعاون الرباعي بين كل من سورية ولبنان والأردن وتركيا، فضلاً عن بدء آلية الحوار الاستراتيجي مع الجامعة العربية، والتعاون الشامل مع دول مجلس التعاون الخليجي». واعتبر رئيس اتحاد المصارف عدنان يوسف، أن الدور الجديد للمصارف العربية «يتطلب جهوداً كبيرة، وأحد أهم الأساليب لتحقيق هذا الدور، إقامة تكتلات مصرفية عربية ضخمة قادرة على منافسة المجموعات المصرفية الدولية محلياً ودولياً». وتوقع أن تزيد الموازنة المجمّعة للمصارف العربية نهاية هذا العام، على « 2.5 تريليون دولار، وأن يبلغ الناتج المحلي للدول العربية تريليوني دولار فقط، ما يدل على أن حجم القطاع يفوق حجم الاقتصاد العربي». وأشار إلى توقعات بازدياد ودائع المصارف العربية على 1.5 تريليون دولار، والقروض والتسليفات للقطاعين الخاص والعام على 1.2 تريليون، ورؤوس الأموال على 300 بليون دولار». وأعلن رئيس جمعية مصارف لبنان رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب جوزف طربيه، أن نجاح المصارف العربية في دورها الجديد «يتطلّب تفعيل الدور العربي في صوغ القرارات المالية والنقدية والاقتصادية الصادرة عن المؤسسات الدولية». وأكد أن «منطقتنا العربية تتمتع بإمكانات لكنها تحتاج الى تطوير التعاون بين بلداننا». وأشار إلى أن المصارف اللبنانية «تدير ودائع ب 104 بلايين دولار، وموجودات تقارب 133 بليوناً، كما تتواجد في 31 بلداً عربياً وأجنبياً، وتتعامل مع مصارف مراسلة منتشرة في 111 مدينة حول العالم». وأكد حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، أن من «بين الأخطار التي نتحسّب لها ونحتاط في لبنان، هي الحد من الآثار السلبية للأموال المتحركة بسرعة، المتجهة نحو بلدنا للاستفادة خلال فترة قصيرة من الفوائد المرتفعة نسبياً مقارنة بما هو معمول به في الدول النامية». واعتبر وزير الدولة اللبناني رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربية عدنان القصار، أن «الأوان حان لتوجيه استثماراتنا نحو قطاعات الاقتصاد الحقيقي في الدول العربية، وهي مربحة وأكثر أماناً من الاستثمار في قطاعات ريعية خارجية، كما علينا ترشيد استثماراتنا في الخارج». وحضّ على «إزالة العراقيل لزيادة حجم التجارة البينية وتطوير قاعدة الإنتاج والتأسيس على منطقة التجارة العربية الحرة لإقامة الاتحاد الجمركي العربي عام 2015، والسوق العربية المشتركة عام 2020». وأكد أردوغان أن تركيا «أنجزت إصلاحات جذرية في الاقتصاد، واستطاعت اجتياز أزمة المال». وأعلن تسجيل «زيادة في الدخل القومي نسبتها 11.7 في المئة هذا العام». ولفت إلى «تراجع في نسبة البطالة مقارنة بالعام الماضي»، موضحاً أنها «بلغت 11.4 في المئة في آب (أغسطس) الماضي، وستنخفض أكثر مع استمرار النمو الاقتصادي». وأكد أن القطاع المصرفي «استطاع على رغم السلبيات على الساحة الدولية الصمود من دون أي دعم حكومي». ولفت إلى «ثقة المستثمرين الأجانب القوية في الاقتصاد التركي في المجال المصرفي والقطاع الخاص». وأوضح أن بلاده «تمكنت من توفير فرص استثمار قوية، بدليل أن المستثمرين الدوليين يزدادون». ودعا أصحاب الرساميل العربية إلى «الاستثمار في تركيا»، مشيراً إلى «ازدياد الاستثمارات فيها، ومن يغتنم الفرصة مبكراً يكن هو الرابح». ولفت الحريري إلى أن لبنان «شهد مرحلة من النمو الاقتصادي نسبته 8 في المئة خلال العامين الماضيين، وهي أعلى من معدل النمو الاقتصادي العالمي»، متوقعاً أن يستمر هذا العام. وأوضح أن هذه المرحلة المزدهرة «بدأت إبان أزمة المال العالمية، إذ استقطبت المصارف اللبنانية التدفقات المالية الباحثة عن ملاذ آمن، وعن بيئة مشجعة للاستثمار في قطاعات كثيرة واعدة». ولم يغفل «سياسة الاستقرار النقدي والمالي التي يتبعها المصرف المركزي بالتنسيق مع وزارة المال، التي أثبتت كفاءتها خلال هذه الفترة، فضلاً عن الثقافة المصرفية العالية والممارسات السليمة التي توصي بها جمعية المصارف في لبنان». وأكد أن المصارف اللبنانية «شريك أساس في تمويل المشاريع التنموية والاقتصادية للدولة». وأكد الحريري «التطلع الى تعزيز قنوات التعاون بين لبنان وتركيا في الميادين الاقتصادية والتنموية والاستثمارية». واعتبر أن بيئة الأعمال في لبنان «باتت مهيأة لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية، ومنها التركية». وأعلن «السعي الى تطوير الشراكات بين القطاع الخاص اللبناني والتركي، ونطمح الى زيادة حجم التبادل التجاري بين الجانبين. وفي هذا الإطار، وقّعنا مع الرئيس أردوغان اتفاق منطقة التجارة الحرة بين لبنان وتركيا، وأعلنا ولادة اللجنة الإستراتيجية العليا للتعاون والتنسيق بين البلدين». وأوضح أن «هذه الخطوات تندرج في إطار اتفاقات أوسع تنشئ منطقة تجارة حرة بين لبنان وسورية والأردن وتركيا، ونطمح إلى توسيعها إلى مزيد من الدول العربية، لتفتح أسواقاً أوسع أمام الصادرات اللبنانية، وتزيد حجم التبادل وبالتالي حجم الاقتصادات وفرص العمل في هذه البلدان الأربعة». وقال: «نطمح إلى أن يكون اتفاق التجارة الحرة مقدمة لتحرير تجارة الخدمات بين لبنان وتركيا، وهذا المجال يهم المصارف اللبنانية خصوصاً».