يُعتبر منتدى كوبنهاغن إطاراً فريداً لتحفيز الشراكات التي يمكنها أن تعزز سريعاً فرص النمو الأخضر، الذي يتطلب توظيفاً فعالاً على نطاق واسع لرأس المال المادي والتكنولوجي والبشري. وهذا لا يكون ممكناً إلا إذا تعاونت الحكومات والقطاع الخاص على المستويات المحلية والوطنية والدولية، لتذليل العقبات وخلق الحوافز الصحيحة للابتكار والاستثمار. افتتحت المنتدى رئيسة وزراء الدنمارك هيلي ثورننغ شميت، ورئيس وزراء كوريا الجنوبية هوانغ-سيك كيم الذي مثل البلدان الشريكة. وألقى عبدالله بن حمد العطية، رئيس هيئة الرقابة الإدارية والشفافية في قطر والرئيس المقبل للمؤتمر الثامن عشر للدول الأطراف في اتفاقية تغير المناخ، كلمة أعلن فيها انضمام بلده الى المنتدى. تخضير الاقتصاد كان الموضوع الرئيس للمنتدى كفاءة الموارد والنمو. وإدراكاً بأن العودة الى معدلات عالية للنمو وفرص العمل ما زالت في مقدم الاهتمامات السياسية حول العالم، استكشف المنتدى العوامل الاقتصادية والإطار السياسي الأوسع للنمو الأخضر. ووجد أن تخضير الاقتصاد العالمي يوفر فرصاً رابحة للشركات والمجتمعات والدول. ويتجلى ذلك على سبيل المثال في تنامي أسواق التكنولوجيا النظيفة والطاقات المتجددة. كما أن التحول الى نمو أخضر بتعزيز كفاءة الموارد والإنتاجية بات يعتبر جزءاً مهماً من عملية تحسين التنافسية على مستوى الشركات وعلى المستوى الوطني. ركز المتحدثون على ضرورة تعميم الحاجة الملحة إلى مسار النمو الأخضر. وقد رفضت حجج لتأجيل جهود التحول الى اقتصاد أخضر ريثما تنقضي الأزمة الاقتصادية الراهنة، إذ قدمت عدة مؤسسات أدلة مقنعة بيَّنت أن كلفة اللاعمل ستكون أكبر. وأشار أنغل غوريا، الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إلى أن الخسارة الناجمة من عدم التحول إلى أنماط اقتصادية جديدة تحترم البيئة تتجاوز بأضعاف الكلفة التي يتطلبها هذا التحول. اعتبر المنتدى أن الحاجة ملحة إلى ردم الفجوة في تمويل التحول الى مسار نمو أخضر. والسبيل الرئيسي لذلك تحفيز الاستثمار الخاص عبر الابتكار المالي، وزيادة التمويل الحكومي الشحيح، وضمان سياسات حكومية استثمارية رفيعة المستوى. ودعا إلى ضرورة تخفيض الدعم الحكومي لأسعار الوقود الأحفوري، وتحويل الاستثمارات من التنمية المسرفة في إطلاق الانبعاثات الكربونية إلى النمو الأخضر. وركزت شراكات كثيرة تم إطلاقها أو تطويرها خلال المنتدى على الابتكار المالي، مع تركيز الخاص على تمويل كفاءة الطاقة وتصميم أدوات مالية أكثر فعالية. ويؤثر تغير المناخ ونضوب الموارد الطبيعية بشكل أكبر على البلدان الفقيرة. وتواجه البلدان النامية أسوأ العواقب، في حين تفتقر الى الموارد اللازمة للتصدي لهذه التأثيرات. وركز المنتدى على الجوانب الشمولية لأجندة النمو الأخضر عند تصميم مبادرات جديدة. واعتبر الابتكار التكنولوجي، وخصوصاً الابتكارات المخففة لتأثيرات تغير المناخ، عناصر أساسية للتحول الى اقتصاد أخضر، فضلاً عن نشر التكنولوجيات الخضراء وتكييفها وفق الظروف، خصوصاً في البلدان النامية. وفي غياب نموذج موحد لتحقيق النمو الأخضر، شهد المنتدى مناقشات لتجارب من ستة بلدان، هي البرازيل والصين وألمانيا وإندونيسيا والمغرب وتركيا. وتم التركيز على الشراكات بين القطاعين العام والخاص لدفع حلول مستدامة على مستوى البلد. وأبرزت الجلسات القواسم المشتركة للارتقاء بالنمو الأخضر في هذه البلدان، بما في ذلك القيادة السياسية وريادة القطاع الخاص والخطط المالية الابتكارية. اقتراحات وتوصيات وفر المنتدى فرصة استثنائية لرجال أعمال وقادة سياسيين رفيعي المستوى للانخراط في حوار مباشر من خلال جلسات نقاش مصغرة. فجلسوا بين الحضور وراحوا يشرحون دورهم وخبرتهم وآمالهم في الارتقاء بالنمو الأخضر من خلال التعاون العام والخاص عبر القطاعات. عُقدت هذه الجلسات الحوارية المصغرة على مرحلتين خلال يومين، وركزت على شمولية النمو الكفوء باستهلاك الموارد، وقصص النجاح في هذا المضمار. ونوقشت إحدى عشرة شراكة عملية بين القطاعين العام والخاص في جلسات خاصة، تم تصميمها لجمع اقتراحات وتوصيات عملية حول أوجه النمو الأخضر التي تقتضي عملاً من القطاعين. وكان من بينها: تسريع الابتكار السياسي دعماً لتحوّل قطاع الطاقة، تعزيز النمو المستدام القائم على الموارد الحيوية، تمويل كفاءة الطاقة، مبادرات الإدارة والتمويل الخاص، ومؤشرات كفاءة الطاقة. وشارك الأمين العام للمنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) نجيب صعب في جلسة مخصصة لمناقشة خيارات الطاقة في منطقة الشرق الأوسط. وناقش تحديات الطاقة من منظار إدارة الموارد، داعماً حجته بأرقام من تقرير «أفد» الجديد حول البصمة البيئية، دلّت على أن كثافة الطاقة في المنطقة العربية هي 50 في المئة أعلى من المعدل العالمي، وأن انبعاثات الكربون هي المسؤولة عن معظم الزيادة في البصمة البيئية للمنطقة. وخلص صعب إلى أن كفاءة الطاقة والتحول إلى الطاقة المتجددة أمر ضروري اقتصادياً وبيئياً، مشيداً بالقرار السياسي الواضح في المغرب بتبني الطاقة المتجددة، الأمر الذي مكّن من تحقيق نتائج ملموسة في أقل من ثلاث سنوات. وقد بدأ المغرب تنفيذ خطة للوصول بنسبة الطاقة المتجددة إلى 40 في المئة من إجمالي الطاقة بحلول سنة 2020، وهو الهدف الأكثر طموحاً في العالم. وسوف تقدم الاستنتاجات والأفكار التي خلص إليها المنتدى في نقاشات ومنتديات دولية رفيعة المستوى حول التنمية المستدامة والنمو الأخضر، بما في ذلك قمة المناخ (COP 18) التي ستعقد في الدوحة عاصمة قطر. وسيكون هناك تركيز خاص على إدخال الاستدامة وممارسات النمو الأخضر ضمن العملية المكرسة لتطوير أهداف التنمية المستدامة. ووافق المشاركون على مواصلة العمل لتنفيذ التوصيات الكثيرة الناشئة عن أجندة المنتدى بشأن النمو الأخضر، وعلى الاجتماع مجدداً في تشرين الأول (أكتوبر) 2013 لمراجعة التقدم الحاصل واستنباط إجراءات جديدة.