أعلن مدني مزراق، القائد السابق ل «الجيش الإسلامي للإنقاذ»، الذراع العسكرية ل «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المنحلة، تأسيس «جمعية خيرية نضالية بأبعاد إصلاحية تربوية اجتماعية وسياسية» في الجزائر. ويُعتبر موقفه محاولة لتجاوز رفض الحكومة الترخيص للجناح المسلح السابق ل «الإنقاذ» بتأسيس حزب سياسي. وطالب مزراق من سمّاهم «رؤوس النظام الحاكم» بالوفاء ل «رجال الجيش الإسلامي للإنقاذ وأن يستدركوا الأمر ويجعلوا من المصالحة حلاً نهائياً ومدروساً». وأطلق مزراق الذي فاوض السلطة في نهاية التسعينات وساهم في نزول ما يقرب من ستة آلاف مسلح من الجبال في إطار عفو، مشروع إنشاء «جمعية دعوية خيرية نضالية». ولفت إلى أن المشروع جاء «بعد مشورة وإمعان رأي وتغليب الراجح والمرجوح»، قائلاً إن مطلقي فكرة «الجمعية» يريدون أن يقطعوا بها «الشك باليقين وأن نضع النظام ورجاله أمام مسؤولياتهم التاريخية والتزاماتهم الأخلاقية». ولمّح مزراق في رسالة طويلة حصلت «الحياة» على نسخة منها وحملت تاريخ أول من أمس، إلى «اتفاقات» لم تلتزم بها الحكومة الجزائرية. إذ قال: «إن مطالبة رؤوس النظام الحاكم بالوفاء لنا فرض عين وأمانة ودين في رقابنا .... فإذا أراد رجال الدولة وفي مقدمهم رئيس الجمهورية (عبدالعزيز بوتفليقة) أن يعيدوا الأمور إلى نصابها والحقوق إلى أصحابها فما عليهم إلا أن يستدركوا الأمر ويسارعوا بتنفيذ الخطوات التي سبق الكلام فيها والاتفاق عليها». واقترح مزراق الذي غيّب نفسه من الساحة منذ تعاطي وزارة الداخلية سلباً مع مشروع إنشائه حزباً سياسياً تبناه قبل خمس سنوات، على رجال «الجيش الإسلامي للإنقاذ» - وهو يشرح لهم سبب توجهه إلى إنشاء جمعية خيرية - «الرجوع إلى أداء المهمة الربانية وتبليغ الرسالة الإلهية ... فالدعوة هي الأصل الذي وجب الرجوع إليه والتمسك به والعمل في إطاره». ويمكن مسبقاً توقّع التعاطي السلبي من السلطات مع المشروع الجديد ل «جيش الإنقاذ». إذ يشبه التوجه الذي يتبناه مزراق بإطلاقه «جمعية دعوية» مشروعاً مماثلاً أطلقه العام الماضي الهاشمي سحنوني أحد قيادات «جبهة الإنقاذ» المنحلة، لإنشاء «جمعية خيرية»، فقوبل مشروعه بالرفض حتى قبل تجهيز ملف الحصول على ترخيص. وكان مزراق عندما أطلق مشروعه الحزبي قال إنه سيكون قريباً من «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» لجهة «معانيه»، لكن الحكومة ردت سريعاً واعتبرت أن الفيصل بينها وبين هذا المشروع هو «الإجراءات التي تضمنها ميثاق السلم والمصالحة الوطنية». ويتضمن هذا الميثاق قيوداً تمنع ناشطي «الإنقاذ» من النشاط السياسي، وهو الأمر الذي كرّسه قانون الأحزاب المعتمد نهاية العام الماضي. لكن مزراق تحدّى هذه القيود قائلاً: «في هذه الدولة ... نتمتع جميعاً بحقوقنا المدنية دون نقصان، ونؤدي واجباتنا كاملة دون عصيان». ولمّح إلى جهات لم يسمّها على أنها رافضة لعودة «الإنقاذيين» إلى السياسة، إذ قال: «لقد شذّت عن القاعدة فئة تغريبية، حتى لا نقول فرنسية متصهينة، وراحت تطبّل لانتصارها المزعوم». وكان في هذا الإطار يتحدث عمن سمّاهم «سكان المحميات» قاصداً مسؤولين كانوا يعيشون في مقار محمية خلال سنوات الدم في التسعينات في وقت «تحاور فيه وتفاوض الرجال مع الرجال وتوصلوا إلى اتفاق يضع حداً للاقتتال ... وتجرأ الرئيس بعدها وتشجع ... ونادى في هؤلاء وهؤلاء أن توقفوا وكفّوا الخصام والنزال فلا غالب ولا مغلوب بين أبناء الجزائر». وكان مزراق وقادة «جيش الإنقاذ» تفاوضوا سراً في النصف الثاني من حقبة التسعينات مع جنرالات في المخابرات الجزائرية. وأدت تلك المفاوضات إلى إعلان هدنة ثم الدخول في مسار مصالحة نزل بموجبها آلاف المسلحين من الجبال وسلّموا أنفسهم إلى الحكومة التي أصدرت عفواً عنهم بعد تولي الرئيس بوتفليقة سدة الرئاسة عام 1999.