أعلن معتقلون إسلاميون جزائريون بتهم «الإرهاب»، أنهم بصدد إطلاق «مراجعات فكرية ودراسات منهجية تقرِّب لنا مفاهيم كانت بعيدة عنا»، في سياق رسالة تبرأت من ترويج القيادي في «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المنحلة الهاشمي سحنوني، والداعية السلفي عبدالفتاح زيراوي لمبادرة عفو قالا إن الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة يحضِّر لها، لكن السلطات الجزائرية نفتها لاحقاً. وتلقت «الحياة» نسخة من بيان حمل توقيع «مساجين المأساة الوطنية»، لكن لم يكن ممكناً التحقق من صحته. ووصف البيان الاعتقال ب «المأساة»، لكنه أعلن «التبرؤ من مساومات أمثالهما ومتاجرتهما بمأساتنا»، في إشارة إلى سحنوني وزيراوي. وأكد أن المجموعة التي أطلقت الرسالة «بصدد مراجعات فكرية ودراسات منهجية تقرب لنا مفاهيم كانت عنا بعيدة، وتبين لنا مناهج كانت عنا غائبة، فنرجو بعدها تصويبَ ما أخطأنا فيه، وتصحيحَ ما غلطنا فيه، ولا نريد أن نكون ممن قال فيهم: (كلما رُدّوا إلى الفتنة أُرْكِسوا فيها)». واتهم البيان أصحاب المبادرة ب «إخفاء مشروع حزبي أو جمعوي»، في إشارة إلى سعي سحنوني إلى تأسيس «جمعية خيرية». وقال: «هؤلاء القوم قطعوا الأعوام الطوال في الأقوال والجدال وتعليل الأمة بالخيال، ومجموع هذا يسمونه سياسة شرعية، فلما فحصنا هذا، وقارنّا مقدماته بنتائجه، لم نجده إلا تمهيداً للجمعيات، ووسائل لإعادة أقاليم الحزبيات، وما يتبعها من خصائص وامتيازات». وأوقعت مبادرة سحنوني السلطات في حرج، بعدما تحدث للإعلام عن «اتفاق بين بوتفليقة وأجهزة الأمن»، مشيراً إلى أن جهة لم يسمِّها أبلغته بتحضير بوتفليقة لعفو يشمل أربعة آلاف سجين متابَع في قضايا الإرهاب منذ سنوات، لكن الوزير الأول أحمد أويحيى نفى في ما بعد وجودَ أيِّ مشروع في هذا السياق. ولم ينف الممثل الشخصي للرئيس وزير الدولة عبدالعزيز بلخادم، صحةَ ما أعلنه سحنوني. وقال أول من أمس: «الثابت أنني التقيت سحنوني، ولكن ليس باسم الجبهة الإسلامية للإنقاذ، مع مواطنين طرحوا قضايا تتعلق بالمصالحة، وأرى أن كل من يرغب في حقن دماء الجزائريين، فأحضان الشعب مفتوحة له». وتنص مبادرة سحنوني على أن «يتعهد المساجين بترك العمل المسلح والتخلي عن العنف والانخراط في ميثاق السلم والمصالحة في البلاد وتدعيم أهل المبادرة السلمية ومساندة وتزكية ما جاء في الاقتراحات الشرعية للخروج من الأزمة الجزائرية». وأعلن «قرب إطلاق سراح آلاف المساجين». في غضون ذلك، ندد رئيس «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» عباسي مدني ب «موقف النظام الجزائري المريب تجاه الثورات الشعبية المظفَّرة، خصوصاً في تونس وليبيا، وتواطئه لمحاصرتها ومحاولة إجهاضها، اعتقاداً منه عبثاً بأن إفشال الثورة في تونس وإنقاذ نظام القذافي البائد في ليبيا يجعله في منأى من انتقال عدوى الثورة وانفجار الغضب الشعبي». وأكد في بيان أمس، أن «الحوار المزعوم الذي ينظمه النظام في الجزائر لا يختلف في شيء عن الحوار الذي نظمه في العام 1994 ولم يَزِدِ الأزمةَ إلا تفاقماً، بل أخَّرَ حلَّها إلى أجل غير مسمى». وأشاد ب «كل الرافضين لحوار الطرشان، أحزاباً ومستقلين، لأنه حوار لن يفضي إلى التراضي بأي حال من الأحوال، ومن علامات قتله في مهده إقصاء أهم طرف في المعادلة، وهو الجبهة الإسلامية للإنقاذ، ضحية الفتنة التي أشعل فتيلها أعداء الشعب بمصادرتهم لإرادته». واعتبر أن «أي مبادرة جادة لا يمكنها أن تلغي أي ملف من ملفات المأساة الوطنية، بدءاً بملف السجناء السياسيين، الذين لا بد من وضع حد لمعاناتهم وأسرهم، خصوصاً أنهم يتعرضون لضغوط كبيرة أخيراً، ويتم التلاعب بقضيتهم رغم أنهم يقبعون في السجون ظلماً وعدواناً، وكذا ملف الضحايا الأبرياء والمفقودين والمهجرين والمبعَدين إلى محتشدات الصحراء».