أوعز العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني إلى رئيس حكومته عبدالله النسور بالإفراج عن جميع معتقلي الحركات الشعبية المتهمين ب «إطالة اللسان» عليه وعددهم 20، ودعا كل الاردنيين، بمن فيهم المعارضة، الى المشاركة في الانتخابات النيابية المقررة في 23 كانون الثاني (يناير) المقبل، مشدداً على «ضرورة التمييز بين معارضة وطنية بناءة وحراك سلبي لا يخدم مسيرة الإصلاح ومستقبل الوطن»، مشيراً الى ان «الشعارات البرّاقة ليست هي الحل» معتبراً ان «العقليات الرجعية المتطرفة غير أمينة على مستقبل أبنائنا». وجاءت تصريحات العاهل الأردني خلال لقاء شعبي «ضخم» دعا إليه أمس وضم عدداً كبيراً من ممثلي الفاعليات الأردنية المختلفة في مقر الديوان الملكي. وكان لافتاً المشاركة الواسعة لقيادات جماعة «الإخوان المسلمين» والحركات الشعبية المعارضة، لا سيما القادمين من مدينة الطفيلة الجنوبية، التي تعيش تظاهرات متواصلة منذ انطلاق الحراك الشعبي في كانون الثاني 2011. وخلال اللقاء الذي جمع نحو 3 آلاف شخصية، عبر الملك عن أسفه «لأن عدداً قليلاً جداً من المشاركين في الحراك رفعوا شعار إسقاط النظام». وأضاف: «إذا كان الهدف من هذا الشعار التشكيك بالرعاية الهاشمية للدولة الأردنية، فدعوني أتحدث بمنتهى الوضوح: الحكم بالنسبة إلينا نحن الهاشميين لم يكن يوماً من الأيام مغنماً نسعى إليه، وإنما مسؤولية وواجب وتضحية نقدمها خدمة للأمة، والدفاع عن قضاياها ومصالحها». وتابع: «لم يكن الحكم بالنسبة إلينا أيضاً قائماً على احتكار السلطة، ولا على القوة وأدواتها، وإنما على رعاية مؤسسات الدولة التي تدار من قبل أبناء الشعب بكل فئاته، وفق أحكام الدستور». ولفت الملك عبدالله إلى «ضرورة التمييز بين معارضة وطنية بناءة وحراك إيجابي، وبين معارضة وحراك سلبي لا يخدم مسيرة الإصلاح ومستقبل الوطن»، مشيراً إلى أن «المعارضة البناءة طموح مشروع ومطلوب. أما الحراك السلبي والشعارات الفارغة ومحاولات إثارة الفتنة والفوضى، فهذه مرفوضة». وأوضح: «علينا أن نتذكر أن الشعارات البرّاقة ليست هي الحل، وأن العقليات الرجعية المتطرفة (...) غير أمينة على مستقبل أبنائنا». وأوعز العاهل الأردني الثلثاء ب «اتخاذ الإجراءات اللازمة للإفراج عن موقوفي المسيرات» في المملكة. وكانت منظمة «العفو» الدولية أوضحت في 12 الشهر الجاري أن 20 معتقلاً، هم أعضاء في مجموعات مطالبة بالإصلاح على حد وصفها، اعتقلوا عقب مشاركتهم بتظاهرات سلمية مطالبة بإصلاحات سياسية ودستورية ومكافحة للفساد. ووجه مدعي عام محكمة أمن الدولة للمعتقلين تهماً شملت «التحريض على مناهضة نظام الحكم» و «إثارة النعرات الطائفية» و «التجمهر غير المشروع». من جانب آخر، وجه العاهل الأردني نقداً لاذعاً لمسؤولين سابقين (لم يسمهم) قائلاً: «هناك مجموعة قليلة ممن خدموا في مواقع المسؤولية (...) نراهم اليوم ينتقدون السياسات والقرارات الحالية، ويدافعون عن تجربتهم وأدائهم، مع أنهم هم من وضع هذه السياسات والبرامج». وشرح بلهجة محكية: «يعني لما يكونوا في موقع المسؤولية كل شيء صحيح وعال العال، ولما يكونوا خارج مواقع المسؤولية، كل شيء غلط والدنيا خربانة»، وذلك في إشارة بدت واضحة إلى رؤساء وزارات سابقين من أمثال أحمد عبيدات وعون الخصاونة، اللذين انتقدا في غير مرة السياسات الرسمية، وأعلنا المقاطعة المبكرة للانتخابات النيابية المقررة مطلع العام المقبل. ودعا الملك عبدالله خلال اللقاء جميع الأردنيين، بمن فيهم المعارضة، إلى المشاركة في الانتخابات النيابية المقررة في 23 كانون الثاني (يناير) المقبل. وقال: «إذا أردتم تغيير الأردن للأفضل فهناك فرصة من خلال الانتخابات المقبلة، ومن خلال البرلمان المقبل. ومن يريد إصلاحات إضافية أو تطوير قانون الانتخاب فليعمل من تحت قبة البرلمان، ومن خلال صناديق الاقتراع التي تجسد إرادة الشعب». وتابع: «الطريق مفتوحة أمام الجميع بمن فيهم المعارضة، ليكونوا في البرلمان المقبل. وطريق المشاركة السياسية ما زالت مفتوحة لكل أطياف المجتمع الحريصين على مصلحة الأردن فعلاً لا قولاً». وأوضح الملك أن «صوت المواطن في هذه الانتخابات هو الذي سيحدد تركيبة البرلمان والحكومة البرلمانية، وبالتالي سيحدد السياسات والقرارات التي ستؤثر في حياته». وكان «الإخوان المسلمون» وحركات شعبية أخرى أعلنوا في 12 تموز (يوليو) الماضي مقاطعتهم رسمياً الانتخابات المقبلة، معتبرين أن المجلس النيابي المقبل «سيكون استنساخاً للمجلس السابق». ويطالب هؤلاء بقانون انتخاب «عصري» يفضي إلى حكومات برلمانية منتخبة، إلى جانب تعديلات دستورية من شأنها المس بصلاحيات الملك.