تزداد حدة التوتر السياسي في الأردن مع اتساع جبهة المقاطعة للانتخابات النيابية المقررة قبل نهاية السنة. في حين يؤكد المتحدث باسم الحكومة الأردنية الوزير سميح المعايطة ل «الحياة»، أن هناك «مساحات وفرص لمراجعة القرارات والمواقف، من دون وضع الشروط المسبقة». واللافت ما شهده الأردن في اليومين الماضيين من نشاط ملحوظ لسفارات دول غربية، سعت عبر حوارات «غير معلنة» إلى سحب فتيل الأزمة بين الحكومة والمعارضة، وتقديم نصائح إلى صاحب القرار تؤكد ضرورة تحقيق التوافق بين مختلف الأطراف، وصولاً إلى انتخابات نيابية تعكس رغبة الإصلاح. وحذرت هذه النصائح من إجراء الانتخابات النيابية في ظل تنامي دعوات المقاطعة. وقالت إن هذه الخطوة «من شأنها أن تعطل الوصول إلى شرعية سياسية مستقرة»، كما دعت السلطات والمعارضة إلى الجلوس بسرعة على طاولة الحوار. والديبلوماسيون الغربيون الذين نشطوا في هذا المجال هم السفراء الأميركي والبريطاني والفرنسي، إضافة إلى سفيرة الاتحاد الأوروبي يؤانا فرونيتسكا، التي التقت قبل أيام ممثلين عن جماعات عشائرية. وكشفت المصادر عن اتصالات يقودها مسؤولون كبار لحض الإسلاميين وبعض قادة الحراك الشعبي على المشاركة في الانتخابات المقبلة. وأكدت أن لقاء جمع أحد المسؤولين في مجلس السياسات، الذي يرأسه العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، قبل أيام بالقيادي البارز في جماعة «الإخوان المسلمين» الوزير السابق عبداللطيف عربيات. والتقى أحد مستشاري الملك بعدد من قادة الحراك على رأسهم الأمين العام لحركة «اليسار الاجتماعي» خالد الكلالدة. ويقول الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية محمد أبو رمان: «إن كرة المقاطعة تتدحرج، وإن الإصرار على إنجاز الانتخابات في موعدها استناداً إلى قانون الصوت الواحد، سيكون قراراً كارثياً». وأضاف: «أن الدولة ستراجع خياراتها وستتخذ قرارها وفق قراءتها لحركة الشارع». وفي حين لم تستبعد مصادر رسمية سيناريو تأجيل الانتخابات، رأى آخرون أن تبني هذا السيناريو ينطوي على كلفة باهظة تتمثل في أن «صدقية الدولة التي أكدت إنجاز الانتخابات قبل نهاية السنة ستكون على المحك». والسيناريو الثاني الذي يطرحه بعض المسؤولين في الحكومة، يتحدث عن إجراء دورة استثنائية ثانية لمجلس النواب بعد شهر رمضان، للبحث مجدداً في قانون الانتخاب وصولاً إلى تعديلات جوهرية عليه. لكن هذا السيناريو قوبل برفض شديد من بعض الأطراف المحافظة داخل الحكومة، التي ترى أن «الإخوان» يسعون إلى «ابتزاز الدولة وفرض شروطهم، بعد النجاحات التي حققها نظراؤهم في دول الربيع العربي». ويتمثل السيناريو الثالث، في انتظار صدور قرار ملكي بحل البرلمان الحالي، وإقالة حكومة فايز الطراونة، وتشكيل حكومة ائتلافية تكون مهمتها إصدار قانون انتخاب توافقي (موقت) مع مختلف المكونات. ويصطدم هذا السيناريو أيضاً بالتعديلات الدستورية التي تمنع الحكومة من إصدار قوانين موقتة، لكن من يتبنى مثل هذا الطرح داخل المؤسسة الرسمية، يتحدث عن فتاوى دستورية كفيلة ب «شرعنة» المقترح المذكور. والسيناريو الأخطر بحسب مسؤولين كبار داخل الدولة، يتمثل في إنجاز الانتخابات وفقاً للقانون الحالي، معتبرين أن هذا القرار سيدخل البلاد في أتون أزمة سياسية عميقة. واعتبر سياسيون أن غياب رئيس مجلس الأعيان طاهر المصري عن جلسات المجلس (البوابة الثانية للبرلمان) التي خصصت لمناقشة قانون الانتخاب في وقت سابق، مثل رسالة احتجاجية من رئيس «مجلس الملك» على صيغة القانون، وهو ما لم يؤكده المصري أو ينفيه بعد تعرضه لحملة انتقادات واسعة على عدد من وسائل الإعلام المحلية. كما عكست تصريحات لرئيس الوزراء السابق عون الخصاونة ينتقد فيها قانون الصوت الواحد، استياء مسؤولين سابقين من القانون، إذ قال الخصاونة في لقاء شعبي بحافظة إربد أول أمس إن الشعب الأردني «يستحق أفضل من هذا القانون، ليكون مجلس النواب ممثلاً له في شكل حقيقي وعادل». لكن الوزير المعايطة قال إن المشاركة «تعزز طريق الإصلاح، وإن هناك اجتهادات ومراحل قابلة للتغير وفقاً للدستور».