اعترضت ألمانيا بشدة على قرار البنك المركزي الأوروبي شراء سندات الدول المتعثرة لحمايتها من فوائد السوق العالية على قروضها، إلا أن خبراء ومراقبين أجمعوا على أن القرار ساعد الاقتصاد الألماني على وقف تباطئه على الأقل وتسجيل بعض الانتعاش، كما أظهرت بعض المؤشرات الاقتصادية الدورية التي صدرت الشهر الماضي، وفقاً للخبير في مصرف «إي أن غي» البلجيكي كارستن برجيسكي. وسجل مؤشر البيع والشراء الصادر عن معهد «ماركت» الألماني ارتفاعاً ملحوظاً للمرة الأولى منذ أشهر بمقدار 2.9 ليستقر عند 49.7 نقطة، في حين أن حد الخمسين نقطة يؤشر عادة إلى وجود نمو في البلاد. ولفت خبير المعهد تيم مور إلى أن «ألمانيا تمكنت من تجاوز الصعوبات بفضل قطاع الخدمات الذي ارتفع 2.6 نقطة، بعد شهرين من الجمود، وسجل 50.6 نقطة، كما ارتفع مؤشر قطاع الصناعة 2.6 إلى 47.3 نقطة، وعلى رغم ذلك أبدى ممثلو الخدمات تشاؤمهم من تطور الأوضاع خلال السنة المقبلة. وعلى عكس الوضع الذي ما زال جيداً بتحفظ في ألمانيا، أظهر المؤشر الأوروبي للمعهد استمرار الركود في باقي دول منطقة اليورو، إذ انخفض المؤشر وسطياً إلى 45.9 نقطة، وهو أدنى مستوى منذ عام 2009. وأشار مور إلى أن «التحسن المسجل هذا الشهر في ألمانيا لا يعني أن الربع الثالث منه لن يسجل ضعفاً في النمو، إلا أن الكبوة المحتملة ستكون خفيفة نسبياً ولن تطول كثيراً». وتوقع اتحاد المصارف الخاصة في ألمانيا أخيراً أن ينتعش اقتصاد البلاد ابتداءً من نهاية العام، بينما لفت عضو مجلس الاتحاد هانس يواخيم ماسينبيرغ إلى أن الاقتصاد سينمو 0.9 في المئة هذا العام و1.1 في المئة عام 2013، ملاحظاً «أن العديد من المؤسسات الإنتاجية تُحجم حالياً عن الاستثمار، ولكنها ستنهي مقاطعتها مع بدء الانتعاش». وتوقع مدير معهد بحوث الاقتصاد الألماني «إي في» ميشائيل هوتر أن يبلغ النمو أقل من واحد في المئة هذه السنة، ولكنه كان أكثر تشاؤماً بالنسبة للعام المقبل متوقعاً نمواً نسبته 0.7 في المئة فقط، مع غياب أي حل لأزمة اليورو. وأضاف أن سوق العمل «ستبقى مستقرة تقريباً، وستبقى نسبة البطالة عند نحو سبعة في المئة»، مشيراً إلى «إشارات أمل» جاءت أخيراً من الدول الأوروبية المتعثرة بعد تنفيذ خطوات إصلاحية لخفض المصاريف الحكومية وإدخال مرونة إلى أسواق العمل. واستبعد حصول أي تضخم في ألمانيا وأوروبا بسبب قرار البنك المركزي الأوروبي تأمين السيولة النقدية للمصارف وشراء سندات حكومية، بل رجّح أن يتراجع معدل التضخم في البلاد من اثنين في المئة حالياً إلى 1.75 في المئة العام المقبل. وأكد مركز بحوث الاقتصاد الأوروبي «زد إي دبليو» في مانهايم أن مؤشره بالنسبة إلى النمو في ألمانيا تحسّن بمقدار 7.3 نقطة، وارتفع من سالب 25 إلى سالب 17.7 نقطة، موضحاً أن «على رغم التحسن المسجل إلا أن القيمة السلبية الباقية (18.2 نقطة) تدل على تباطؤ في نمو الاقتصاد الألماني»، في حين أن مؤشر الاقتصاد الأوروبي أظهر تحسناً أكبر بلغ 17.4 نقطة. واعتبر الخبير المالي شتيفان شيلبه ان «الخوف من انهيار منطقة اليورو يتراجع، ما سيؤدي إلى خفض ضغوط الفوائد والتقشف المالي، وإلى إنعاش الاقتصاد». وبعدما اعتبر أن خطر الركود في ألمانيا انتفى، أشار إلى أن الجمود سيطبع النصف الثاني من السنة، وهو ما لمحت إليه الحكومة الألمانية ومعاهد بحوث أخرى في البلاد. ومن الإشارات الإيجابية الأخرى التي سُجلت أخيراً القفزات التي حققها «مؤشر داكس» للأسهم خلال الأسابيع الستة الماضية مرتفعاً من نحو 6200 إلى 7400 نقطة، وكذلك التقدم الذي حققه سعر اليورو أمام العملات الأخرى فارتفع من 1.23 إلى 1.30 دولار، إلا أن مؤشر «إيفو»، الصادر عن معهد البحوث الألمانية في ميونيخ، عاد وخلط الأوراق نهاية الشهر الماضي بعد تسجيل مؤشريه للأعمال الراهنة ولتوقعات النمو للأشهر الستة المقبلة انخفاضاً للشهر الخامس على التوالي. وعقّب خبير المعهد كلاوس فولرابه على ذلك بالقول إن «الوضع الحالي ما زال جيداً وفوق المتوسط، ولكن الآفاق تسوء أكثر فأكثر وتذكّر بشهر أيار (مايو) 2009 عشية بدء أزمة الديون الأوروبية».