ما كاد خبراء ورجال أعمال ألمان يؤكدون انتهاء أسوأ مرحلة ركود في البلاد وبدء مسيرة نمو متصاعد، ولو بطيء، حتى عادت نغمة التشاؤم تخيِّم من جديد على تحليلات الخبراء والاقتصاديين في ما يخص السنتين المقبلتين. وفيما تشير البيانات الاقتصادية والاستطلاعات الجارية إلى حصول تحسن نسبي في حجم الطلب على الشركات الألمانية، وعلى مبيعاتها في الداخل والخارج، تبرز مجموعة من المحاذير في الفترة المقبلة. وبعد أن أظهرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الأوروبية في تقريرها الأخير، ثقة بمسيرة نمو الاقتصاد الألماني، أفاد مؤشر مركز البحوث الاقتصادية الأوروبية في مانهايم، في استطلاع أجراه للشهر الثاني على التوالي شمل 287 خبيراً مالياً، بأن التفاؤل بالأوضاع الحالية للشركات جيِّد، لكنه يتراجع بسرعة على المديين المتوسط والبعيد. وأشارت النشرة الاقتصادية الشهرية الصادرة أخيراً عن غرفة التجارة والصناعة العربية – الألمانية، أن مؤشر التوقعات الحالية في مركز مانهايم للبحوث، تقدم 6.6 نقاط ليرتفع إلى 65.6 نقطة، في مقابل هبوط في التوقعات للمستقبل بمقدار 4.9 نقاط ليبلغ 51.1 نقطة. وذكر رئيس المركز فولفغانغ فرانتس أن التحسن النسبي الحاصل حالياً «سيتوقف، ومن غير المنتظر حصول حركة نمو قوية داخل الاقتصاد الألماني السنة المقبلة»، علماً أن معدل نقاط المؤشر للتوقعات الحالية لا يزال عالي المستوى، بل ضعف ما كان عليه خلال مرحلة الركود، أي26.9 نقطة. ولفت المركز إلى أن المؤشر سجل نتيجة مماثلة تقريباً في دول منطقة اليورو. وأيَّد مصرف «كوميرتس بنك» نتائج المؤشر، معرباً عن اعتقاده أيضاً بأن النمو خلال العام المقبل سيتباطأ، بعد النمو القوي الذي تحقَّق في النصف الثاني من السنة الجارية. ورأى المصرف الوطني «نورد إل بي» أن المحاذير المحيطة بالنمو الراهن «لا تزال أكبر من إمكان حصول انتعاش ذاتي الحركة»، ملمحاً إلى أن النمو الحالي يستند إلى برامج الدعم الحكومي. ولفت إلى أن المحاذير ستحتل الساحة خلال الشهور المقبلة بعد معدل النمو القوي المسجل في الربع الثالث من السنة الجارية، «من خلال ارتفاع أعداد العاطلين من العمل، أو من خلال تراجع الاستهلاك الداخلي». لكن كبير خبراء مؤسسة «باركليز كابيتال» جوليان كولاو رجح تحسن الإنتاج الصناعي في الربع الأخير من هذه السنة، واستمرار تحسنه عام 2010 أيضاً. وسجَّل معدل النمو في ألمانيا في الربع الثالث، 0.7 في المئة بعد 0.4 في المئة في الربع الثاني، مع توقّع نمو نسبته 0.8 في المئة إلى واحد في الربع الأخير. وفتح هذا الأمر الباب أمام تفاؤل كبير بمسيرة الاقتصاد الألماني العام المقبل، علماً أن النمو السالب سيسجِّل في نهاية السنة بين 4 و5 في المئة، وهي النتيجة الأسوأ في تاريخ ألمانيا الاتحادية. وبحسب مكتب الإحصاء المركزي في فيسبادن، استعادت إنتاجية الاقتصاد حالياً المستوى الذي وصلت إليه عام 2006. ورأى مصرف «كوميرتس بنك»، أن الاقتصاد الألماني سيستعيد في نهاية هذه السنة ربع ما خسره فقط من إنتاجيته خلال مرحلة الركود. وفي وقت توقع بعضهم أن يسجل اقتصاد ألمانيا نمواً بين 2 و 2.5 في المئة عام 2010، توقع «مجلس حكماء الاقتصاد الألماني» الذي تستشيره الحكومة دورياً، 1.6 في المئة نمواً، مشيراً إلى أن الأزمة المالية في ألمانيا والعالم ستستمر، وكذلك ارتفاع البطالة بالتزامن مع إفلاس مزيد من الشركات. وحذَّر من أن هذه التطورات ستكبح نمو الاقتصاد الألماني العام المقبل، مضيفاً في تقرير مفصَّل: «من الصحيح أن الأزمة الاقتصادية وصلت في منتصف السنة الجارية إلى القعر، وأن تحسُّناً تدريجياً بدأ ولا يزال مستمراً، لكن أحداً لا يعرف حجم التحسن وقوَّته».