اعتبر الكثير من خبراء الاقتصاد الألمان ومعهم وزارة الاقتصاد، أن اقتصاد بلادهم ما زال صامداً في وجه الأزمة المالية في منطقة اليورو، على رغم تراجع المؤشرات الاقتصادية وتوقعات الشركات للمرحلة المقبلة. وأشارت الوزارة في تقريرها الدوري الصادر الشهر الماضي، إلى أن «الاقتصاد ثابت في الربع الثاني من السنة بعد النمو الجيد في الربع الأول، لكن ديناميكيته بدأت تتباطأ نتيجة العوامل الخارجية السلبية في منطقة اليورو والعالم، وخصوصاً في الصين والولايات المتحدة بعد انخفاض معدل النمو فيهما». وتوصّل معهد البحوث الاقتصادية «إيفو» في ميونيخ، وهو أكثر المعاهد في البلاد دقة في ما يخص المؤشرات المستقبلية، إلى نتيجة مشابهة، موضحاً أن مؤشر الأوضاع الراهنة ارتفع الشهر الماضي من 113.2 إلى 113.9 نقطة، في مقابل انخفاض ملحوظ في مؤشر التوقعات حتى نهاية السنة إثر تراجعه في الشهرين الماضيين من 109.9 إلى 106.9 نقطة ثمّ إلى 105.3 نقطة، كما انخفض مؤشر أعمال الشركات حتى نهاية السنة من 100.8 إلى 97.3 نقطة. وأعلن مركز البحوث الاقتصادية الأوروبية «زد أي في» في مانهايم أخيراً عن انخفاض شديد لمؤشره الخاص بالتوقعات على المدى المتوسط، بمقدار 27.7 نقطة ليستقر على سالب 16.9 نقطة، عازياً ذلك إلى تأزم الوضع المالي في إسبانيا واستمرار الوضع المقلق جداً في اليونان. وبعدما أشارت وزارة الاقتصاد الألمانية إلى أن المؤشرات والاستطلاعات الدورية والتقديرات «تفيد بحصول تراجع وبطء» في الدورة الاقتصادية الألمانية، و «بحلول التشاؤم مكان التفاؤل» لدى ممثلي الشركات الألمانية والمودعين في السوق المالية، أكدت أن «آمال الاقتصاديين والخبراء ما زالت ترتكز على عامل ازدياد الاستهلاك الداخلي بعد الارتفاع الكبير في أجور العاملين في البلاد، والتطور الإيجابي في سوق العمل، وهبوط معدل التضخم إلى 1.9 في المئة خلال أيار (مايو) الماضي. وحتى الآن لم تختفِ العوامل الإيجابية في الاقتصاد الألماني، لا لجهة حجم الإنتاج أو حجم الصادرات، التي زادت 2.7 في المئة في الربع الأول من السنة مقارنة بالفترة ذاتها العام الماضي، كما لم تتأثر القطاعات الأخرى بأزمة اليورو كما كان يخشى كثيرون، من دون إهمال المحاذير المستمرة في الوقت ذاته. ولفت كبير خبراء مصرف «يونيكريديت» في ألمانيا أندرياس ريس إلى أن «الإطار العام للاقتصاد الألماني ممتاز لأن وضع سوق العمل فيه جيد جداً، والأجور ترتفع وأسعار النفط تتراجع في الفترة الماضية». ويبدو أن منظمة التعاون والإنماء الأوروبية أكثر ثقة من الألمان أنفسهم في قوة الاقتصاد الألماني وقدرته على الصمود، إذ أكدت في تقرير سابق أنها تنتظر «استمرار الانتعاش في ألمانيا، وتتوقع نمواً مقداره 1.2 في المئة هذه السنة»، في حين تتحدث وزارة الاقتصاد الألمانية عن 0.8 في المئة فقط، وينتظر معظم معاهد البحوث الألمانية 0.9 في المئة. وبينما تُعتبر هذه المعدلات متواضعة مقارنة بدول أخرى، إلا أنها ممتازة مقارنة بدول منطقة اليورو التي تشهد ركوداً، إذ ينتظر خبراء الاقتصاد أن ينكمش اقتصاد المنطقة 0.1 في المئة بحلول نهاية السنة، في حين تتوقع المنظمة الأوروبية أن ينمو 0.9 في المئة، من دون إيطاليا وإسبانيا، مع نهاية العام المقبل، في مقابل تحقيق ألمانيا نمواً نسبته اثنين في المئة.