هكذا طالعتنا صحيفة «الحياة» الأسبوع قبل الماضي بخبرها عن مجلس الشورى الذي رفض مقترح اللجنة الأمنية بضرورة إلزام النساء باستخراج الهوية الوطنية، وقال الخبر: «إن اثنين من أعضاء الشورى اعترضا على المقترح بحجة خصوصية المرأة السعودية، بينما شدّد بعض الأعضاء على ضرورة هذا وفق ضوابط الشريعة الإسلامية». لا أقول إن فلسفة بعض أعضاء الشورى في هذا الرفض ليس من المنطق فحسب، بل هي اعتداء صريح في مصادرة حقوق المرأة التي أقرتها الشريعة في أن تكون مساوية للرجل في الحقوق والواجبات، وأن تكون لها شخصيتها الانفصالية في كثير من الحقوق المالية، والأسرية، وعندما يصادر بعض الأعضاء في الشورى هذا الحق المفروض للمرأة، مع ثقتي الكاملة، وأبصم بيدي على ذلك أن جميع نساء هؤلاء الأعضاء يتمتعن بهذه البطاقة بعد أن استخرجوها لنسائهم، فهذا ليس من حقهم، خصوصاً وبعد أن رأت الدولة هذه الضرورة في ما يتعلق بالجوانب الأمنية، وكان لزاماً على وزارة الداخلية أن تمضي في هذا الأمر من دون الرجوع إلى مجلس الشورى، المعروف بكثرة تدخلاته ضد المواطنين، وفرض وصايته على المجتمع. لماذا يعارض مجلس الشورى هذا الحق وهو يرى كثرة المشكلات الناجمة عن الحرمان منه، وأول هذه المشكلات هو تبرم الكثير من أولياء الأمور من إلحاق بناتهم وأولادهم على السواء في سجلاتهم الوطنية؟ الهوية الوطنية ليست ترفاً للمرأة، وليست أداة لانحرافها، كما يعتقد المصابون ب«فوبيا المرأة» الذين تسوّل لهم عقولهم المريضة ذلك. الهوية الوطنية رمز لأهلية المرأة وكفاءتها في إنجاز أعمالها، وتسهيل عملياتها المالية في البنوك، فهي تحتاجها حتى في فتح ملف في أي مستشفى للعلاج، ولا يتحجج أعضاء الشورى بأن المرأة موجودة في سجل أبيها أو زوجها، إذ كثيراً ما يرفض هؤلاء الأوصياء إعطاء سجلاتهم لنسائهم تسلطاً، وقهراً، وتعنتاً، خصوصاً أولئك اللا «رجال» الذين يحلو لهم الاستيلاء على أموال نسائهم، سواء كانت راتباً من وظيفة، أو ميراثاً من قريب، أو حتى مكافأة زهيدة من جامعة أو معهد، من ذا الذي وسوس في أسماع بعض أعضاء الشورى في أن الهوية الوطنية لا تحتاجها المرأة السعودية، وهي في أشد الاحتياج لها في مرضها، وحياتها، ووظيفتها، ودراستها، وسفرها، بل حتى في تنقلاتها داخل مدينتها. بالأمس حكت لي مجموعة من المعلمات، اللاتي يذهبن من جدة إلى مكة، معاناتهن في الوقوف يومياً أمام نقطة التفتيش المؤدية إلى مكة، إذ يطلب منهن إبراز هويتهن يومياً للدخول إلى مكة، كيف لا تحتاج المرأة السعودية للهوية وهي إنسانة شريكة في المجتمع للرجل، وشريكة له في كل شيء، وليس مفضلاً عليها ومن الله وليس من أحد سوى في درجة القوامة التي أراها تسقط عنه في حال الإخلال بشروطها. أرجو من بعض أعضاء مجلس الشورى أن يرفعوا أيديهم عن المرأة السعودية وألا يجادلوا في شؤونها الضرورية وغير الضرورية، وأن يتركوا مقاعدهم لامرأة هي أخبر ببنات جنسها، وتتكلم بأصواتهن، لا مجموعة تعيش في بروج عاجية، ثم تجادل في أمور جوهرية للمواطنين من الجنسين سلباً، من منطلق رؤاهم العقيمة التي لا تسمن من جوع ولا تغني من خوف، وأرجو من مجلس الشورى ألا يكذبني في رد منه، كما كذبني في رده الماضي في رمضان في مسألة العقار، وأظن أن للمواطنين عيوناً وآذاناً، يسمعون، ويرون، ويعون، ويفرقون بين الصدق والكذب، وليعلم بعض الأعضاء أن بوصلة الزمن تغيرت. [email protected] @zainabghasib