أشعلت شمعة، تسببت في حريق أودى بحياة طفل، لهيب احتجاجات غير مسبوقة ضد حكم حركة «حماس» في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة ليل الثلثاء - الأربعاء. ونزل إلى شوارع المخيم مئات المواطنين في شكل عفوي بعدما تناهى إلى مسامعهم وفاة الطفل فتحي عبدالفتاح البغدادي (3 أعوام)، وإصابة أخته تالا (عام ونصف العام) بحروق خطيرة إضافة إلى والدهما الذي أصيب بحروق متوسطة. وهتف المئات، الذين انضموا إلى عشرات من جيران عائلة البغدادي، مطالبين إطاحة الحكومة التي تقودها حركة «حماس» في قطاع غزة منذ 2007، في تظاهرة نادرة ضد الحركة الإسلامية التي تحكم القطاع منفردة. وردد المتظاهرون شعارات «الشعب يطالب بإسقاط النظام» و «الشعب يريد إسقاط حماس»، أثناء نقل جثة الطفل إلى المستشفى. وقالوا إنهم يحتجون على سوء الأوضاع المعيشية وأزمات كثيرة بينها أزمة الكهرباء التي لولاها لما استخدم الغزيون الشمع في الإضاءة. وحضرت إلى المخيم قوات معززة من الشرطة وعناصر أمنية بلباس مدني. وقال شهود ل «الحياة» إن رجال الشرطة اعتدوا بالضرب على عدد من المواطنين ومصور قناة «فلسطين اليوم» الفضائية التابعة لحركة «الجهاد الإسلامي» إسماعيل بدح، وتم اعتقال عدد آخر من المواطنين. وتعصف أزمة الكهرباء بقطاع غزة منذ ست سنوات، ما اضطر الفلسطينيين إلى استخدام الشموع ومولدات صغيرة تعمل بالوقود. وتسببت الشموع وانفجار المولدات في إشغال حرائق أدت إلى مقتل عشرات الغزيين، بينهم عدد كبير من الأطفال. وتلقي «حماس» باللوم في انقطاع التيار الكهربائي على الحصار الإسرائيلي للقطاع. كما تتهم السلطات المصرية بأنها تمنع تدفق الوقود عبر أنفاق التهريب، أو المنحة القطرية البالغة نحو 30 مليون ليتر من وقود الديزل اللازم لتشغيل محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع. وحمّل عبدالفتاح البغدادي (23 عاماً) حكومتَي «حماس» والسلطة الفلسطينية المسؤولية عن مقتل طفله، مطالباً المواطنين بالتظاهر «وعدم الخوف من عصا حماس». وقال المتحدث باسم حكومة «حماس» طاهر النونو في تصريح في أعقاب الاحتجاجات إن «مقتل هذا الطفل رسالة إلى مصر بأن عليها أن تسرع بما وعدت به للمساعدة على حل أزمة الكهرباء في غزة». واعتبر النونو أن «سكوت المجتمع الدولي مشاركة في جريمة الحصار وتداعياته». وكان ثلاثة أطفال أشقاء ماتوا حرقاً بالطريقة نفسها في نيسان (أبريل) الماضي في مدينة دير البلح وسط القطاع. على صعيد آخر، توفي الشاب سليمان المصري (20 عاماً) وأصيب اثنان آخران بجروح متوسطة إثر انهيار نفق في شكل كامل في مدينة رفح أقصى جنوب القطاع ليل الثلثاء - الأربعاء. وأغلقت السلطات المصرية عشرات الأنفاق بعد مقتل 16 جندياً من حرس الحدود المصرية في هجوم شنته مجموعة مسلحة سلفية في الخامس من آب (أغسطس) الماضي، ما تسبب في ظهور أزمة وقود جديدة منذ نحو أسبوع. إلى ذلك، فرقت قوات الشرطة التابعة لحكومة «حماس» أول من أمس تظاهرة نظمتها عشرات النساء في مدينة غزة للمطالبة بإنهاء الانقسام. وقال شهود ل «الحياة» إن رجال الشرطة فرقوا التظاهرة بالتهديد والوعيد والتلويح بالقوة والضرب بالهراوات. وأضافوا أن رجال الشرطة طالبوا الصحافيين الموجودين بعدم التغطية أو التصوير. وتحظر الحكومة أية تظاهرات أو مسيرات في شوارع القطاع، خصوصاً في حال كان الأمر متعلقاً بالأوضاع الداخلية، علماً أن القانون الذي ينظم الاجتماعات العامة والمسيرات يمنح المواطنين الحق بتنظيمها من دون ترخيص أو إذن مسبق. ومنذ اندلاع الربيع العربي باتت «حماس» تخشى أكثر من أي وقت مضى «ربيعاً فلسطينياً» قد يُفضي إلى إطاحة حكمها، أو انتقال التظاهرات والاحتجاجات على الأوضاع المعيشية السيئة من الضفة الغربية إلى القطاع.