انطلقت أمس في عمّان برعاية رئيس مجلس الأعيان طاهر المصري أعمال «الملتقى الدولي لمكافحة الفساد» الذي يهدف إلى رفع درجة الوعي لدى الرأي العام حول مكافحة الفساد وتعزيز تنفيذ اتفاقية الأممالمتحدة في هذا المجال. ويُعقد هذا الملتقى، الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط من حيث طبيعته ونوعه وأهدافه، في فترة حاسمة يشهدها العالم، خصوصاً المنطقة العربية، إذ يتصدر موضوع مكافحة الفساد الأولويات، كما يسعى الملتقى إلى مناقش ة المفاهيم الخاطئة المتعلقة بالفساد الذي يُعتبر العدو الحقيقي للتنمية الاقتصادية والاستدامة والمعرقل لعمليات الإصلاح السياسي والاقتصادي. وقال المصري في كلمته الافتتاحية «لا شك في أن الفساد بشقيه المالي والإداري وفي القطاعين العام والخاص، ناجم عن فساد أخلاقي قوامه الاستخفاف بالكثير من القيم الإنسانية، كما أن ضعف التشريعات الضامنة للنزاهة وإساءة البعض لاستلهام مفهوم الوظيفة العامة والخاصة وتدني منسوب العدالة وبروز مراكز قوى تعتقد أن بإمكانها استباحة حقوق الغير من دون مساءلة، إضافة إلى أن غياب الشفافية والإعلام المؤثر والعقوبة الرادعة يعتبر من العوامل التي تخلق بيئات محفزة للفساد». وعزا تنامي الفساد في الكثير من الدول خلال الفترة الماضية إلى «الظروف الدولية المتصلة بالنزاعات وشيوع ظاهرة الاستقواء والحروب وما ينتج منها من ويلات وتقاطع المصالح الإقليمية والدولية وغياب العدالة، إلى جانب ظهور الجماعات والعصابات وما يسمى المافيات وظاهرة غسل الأموال». وأوضح أن القوى النافذة في العالم والمهيمنة على القرار الدولي تتحمل مسؤولية شيوع الفساد عندما لا تتعامل بمبدأ العدل والحياد في قراراتها ومواقفها». الحوكمة الرشيدة ويناقش الملتقى خلال يومين الكثير من المواضيع المتعلقة ببناء الحوكمة الرشيدة للشركات وحضّها على الالتزام بالقوانين والتشريعات، كما سيعمل على إبراز دور وسائل الإعلام في تناول قضايا مكافحة الفساد ونشر الوعي بين هيئات المجتمع المدني، إضافة إلى تشجيع المؤسسات الأكاديمية والمهنية على القيام بدور نشط في بناء أساس علمي لفهم ماهية الفساد وسُبل الكشف عنه. ويشارك في الملتقى وفود تمثل الهيئات التشريعية والرقابية، ووزراء ومديرون تنفيذيون وماليون في القطاعين العام والخاص، وممثلون عن مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الأكاديمية، إلى جانب خبراء عالميين من دول عربية وأجنبية. وألقت عضو اللجنة الاستشارية للملتقى الدولي لمكافحة الفساد ليلى شرف كلمة شددت فيها على أخطار الفساد في إعاقة التنمية في دول العالم الثالث، وحضّت مؤسسات المجتمع كافة على تضافر الجهود لوضع منظومة فعالة لحماية الثروة الوطنية وتحقيق العدل من خلال أنظمة وتشريعات وإدارة فعالة. وأكدت دور المنزل والمدرسة في تنوير الأجيال الناشئة وحمايتها. وتحدث البروفيسور أليخو سيسون رئيس الشبكة الأوروبية لأخلاقيات الأعمال في إسبانيا، فأشار إلى دور هذه الشبكة في تعميم المفاهيم الأخلاقية في بيئة الأعمال للحؤول دون الوقوع في الفساد، وبدد المقولات الجاهزة عن دور بعض الثقافات في التهاون مع الفساد كوسيلة لتسهيل المعاملات.