تبدي إسرائيل قلقاً من تعاظم الاحتجاجات الشعبية ضد السلطة الفلسطينية على خلفية تردي الأوضاع الاقتصادية، معربة عن خشيتها من أن تتطور الأمور إلى إقالة رئيس الحكومة الفلسطينية سلام فياض، «ما من شأنه ضرب استقرار السلطة، أو حتى اندلاع انتفاضة ثالثة ضد إسرائيل وضعضعة مكانة حركة «فتح» في الضفة الغربية إلى درجة انهيارها. وترى إسرائيل أن وقف «الجرف الشعبي» في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة يمكن أن يحصل فقط من خلال تحويل هبات مالية جدية من الدول المانحة إلى الفلسطينيين، وعليه توجهت بطلب عاجل إلى الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي بتحويل مئات ملايين الدولارات للسلطة لإنقاذها من الانهيار، علماً أن الاتحاد الأوروبي خفض هباته إلى السلطة في أعقاب الأزمة المالية التي تعيشها أوروبا، فيما تماطل الولاياتالمتحدة في تحويل مبلغ 200 مليون دولار التزمت به للفلسطينيين. وقال قائد «المنطقة الوسطى» في الجيش الإسرائيلي المسؤولة عن المناطق المحتلة اللواء نيستان ألون خلال لقائه أمس قادة المستوطنين للاحتفال بمناسبة حلول السنة العبرية الجديدة: «في الأسابيع الأخيرة، نلحظ بداية تغيير، بداية ما يشبه الانتفاضة في أراضي السلطة الفلسطينية على نحو قد يشكل تحدياً لنا». وأضاف أن الاستعداد للسنة الجديدة يستوجب اليقظة من قيادة الجيش للحفاظ على الاستقرار ومنع التصعيد، و«في الوقت ذاته أن نكون متأهبين جيداً لأي تصعيد قد يحصل». وزاد: «علينا التصرف كحارس الغابة الذي يرى أنها قابلة للاشتعال الكبير فيما عيدان الكبريت منتشرة في أكثر من موقع». وكان رئيس الهيئة السياسية - الأمنية في وزارة الدفاع عاموس غلعاد دعا مساء أول من أمس، الحكومة الإسرائيلية إلى وجوب الاهتمام برفاهية الفلسطينيين «كي لا يجرونا إلى حرب وفوضى تكون خطراً حقيقياً»، مضيفاً أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية «ليست معنية بنشاطات إرهابية». وحذر من أن انهيار السلطة سيحول دون استمرار العلاقات الطيبة بين إسرائيل والأردن. وأفادت صحيفة «معاريف» أمس بأن إسرائيل توجهت إلى الولاياتالمتحدة ودول الاتحاد الأوروبي بطلب تقديم دعم مالي فوري إلى السلطة لمنع انهيارها. وتابعت أن مخاوف المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تكمن في أن يحاول الفلسطينيون اقتحام المستوطنات المحاذية لبلداتهم، ما سيؤدي إلى صدامات دموية وإغلاق الطرق الرئيسة نتيجة قذفها بالحجارة أو الزجاجات الحارقة، ما سيستدعي رداً عنيفاً من المستوطنين. وأكدت وسائل إعلام عبرية أن مسؤولي الأمن في عدد من المستوطنات تلقوا تعليمات من جيش الاحتلال بأن يتابعوا باستمرار التطورات في الضفة، وأن «تكونوا في حال تأهب في حال استمرت التظاهرات لأنه من مصلحة السلطة الفلسطينية تحويل النار نحو إسرائيل لصرف بصر المواطنين الفلسطينيين في الضفة عن ضائقتهم الاجتماعية والاقتصادية». وذكر الموقع الإخباري «أمر مركزي» أن قادة أجهزة المخابرات الإسرائيلية حذروا الحكومة ورئيسها بنيامين نتانياهو من أن مواصلة انتهاج سياسة عديمة المسؤولية تجاه السلطة الفلسطينية ستتسبب في انهيارها نتيجة الأزمة الاقتصادية التي وقعت السلطة فيها. ويرى هؤلاء في عدم الهدوء الاقتصادي في أراضي السلطة «أرضاً خصبة لنشاط حركة حماس التي وضعت لنفسها هدفاً واضحاً هو السيطرة على الضفة تماماً كما فعلت في الانقلاب الهادئ في القطاع». وأفادت الإذاعة العامة بأن المؤسسة الأمنية ووزير الدفاع أيهود باراك حضا رئيس الحكومة ووزير المال على تحويل العائدات الضريبية الشهرية (نحو 100 مليون دولار) إلى السلطة الفلسطينية في موعدها من دون تأجيل ليتاح للسلطة صرف معاشات موظفيها في الوقت المحدد. وأضافت أن أوساطاً أمنية، خصوصاً المخابراتية، حذرت المستوى السياسي من احتمال أن يلجأ الرئيس محمود عباس إلى حل السلطة، ما يعني عودة الكرة إلى الملعب الإسرائيلي وتحمل الدولة العبرية مسؤولياتها القانونية والاقتصادية لتصريف شؤون السكان الفلسطينيين في الضفة. وأبدت محافل سياسية إسرائيلية خشيتها من أن تقوم قيادة السلطة بخطوات أحادية الجانب، مثل إعادة النظر في «اتفاق باريس» الاقتصادي الذي حدد طبيعة العلاقات الاقتصادية بين الجانبين، أو التوجه إلى الأممالمتحدة لمنح فلسطين صفة دولة مراقب، وذلك بغية صرف نظر المحتجين عن ضائقتهم. وأشارت إلى أن السلطة سبق أن توجهت إلى منسق شؤون الاحتلال الإسرائيلي اللواء أيتان دنغوط بطلب البدء في التفاوض على فتح اتفاقات باريس.