وجّه الاتحاد الأوروبي احتجاجاً رسمياً لإسرائيل على نيتها تنفيذ مشروع استيطاني جديد يرمي إلى الربط بين مستوطنة «معاليه أدوميم» (شرق القدس) ومدينة القدس ويفصل في الوقت نفسه القدسالمحتلة عن الضفة الغربية، ما يحول دون إمكان التوصل إلى حل نهائي على أساس إقامة دولة فلسطينية ذات تواصل جغرافي وقابلة للحياة. وأفادت صحيفة «هآرتس» أمس أن سفير الاتحاد الأوروبي لدى إسرائيل أندرو ستندلي قدم لوزارة الخارجية الإسرائيلية احتجاجاً رسمياً على مخطط إخلاء السكان البدو (2500 شخص) من المنطقة المعروفة ب «إي 1» والواقعة بين مستوطنة «معاليه ادوميم»، كبرى المستوطنات في محيط القدسالمحتلة، وبين مدينة القدس بهدف بناء حي استيطاني جديد في المستقبل (مفسيرت أدوميم) بغية ايجاد تواصل جغرافي بين المستوطنة والقدس. وطالب السفير بتوضيحات من الوزارة عن مشروع إخلاء سكان المنطقة المذكورة وعن البدء بشق طريق فيها، كما أعرب خلال لقائه مسؤول قسم أوروبا في الوزارة رافي شلتس عن قلق الاتحاد من العدد المرتفع للبيوت التي يهدمها جيش الاحتلال في الضفة. وأشارت الصحيفة إلى أن احتجاج السفير الأوروبي جاء غداة المواجهة الكلامية العنيفة بين وزارة الخارجية والاتحاد الأوروبي على خلفية البيان الذي أصدرته أربع من دول الاتحاد انتقدت فيه سياسة إسرائيل الاستيطانية في الأراضي المحتلة، ما دفع بالوزارة إلى إصدار بيان شديد اللهجة قالت فيه إن الدول الأربع «أصبحت ليست ذات صلة». وتابعت الصحيفة أن السفير نقل قلق الاتحاد من أن يكون هدف عمليات الإخلاء والهدم هذه هو التمهيد لتوسيع مستوطنة «معاليه أدوميم» من أجل تعزيز السيطرة الإسرائيلية على القدسالشرقية، فضلاً عن أن أعمال البناء في هذه المنطقة ستؤدي إلى فصل القدسالشرقية عن باقي مناطق الضفة وإلى قطع التواصل الجغرافي بين شمال الضفة الغربية وبين جنوبها وتحويلهما إلى منطقتين منفصلتين. ووفق ديبلوماسي أوروبي، فإن الاحتجاج الأوروبي جاء بناء لقرار وزراء خارجية الدول ال 27 في الاتحاد في اجتماعهم الأخير قبل أسبوعين بعد أن تلقوا تقريراً وضعه القناصل الأوروبيون في رام اللهوالقدسالشرقية في شأن أوضاع الفلسطينيين في الأراضي المحتلة الخاضعين لسيطرة إسرائيلية كاملة. وأشار التقرير إلى تصعيد الاحتلال هدمه منازل فلسطينيين، وإلى ضائقة اقتصادية تتفاقم في الأراضي الفلسطينية. كما تلقى الوزراء تقارير من منظمات حقوق إنسان في أراضي السلطة الفلسطينية وفي إسرائيل أكدت أن إسرائيل تعتزم إخلاء 2500 شخص من قبيلة الجهالين البدوية، ما عزز مخاوف الغرب من أن الغرض هو بناء استيطاني جديد حول مستوطنة «معاليه أدوميم». وأضافت الصحيفة أن خبراء في الجدار الفاصل الذي أقامته إسرائيل في قلب الضفة وفي القدس بحجج أمنية لكنها رسمت فيه الحدود بينها وبين الدولة الفلسطينية، يرون أن الإشارات تتزايد بأن إسرائيل تهيئ الظروف للبناء في المنطقة المعروفة «إي 1» وتتمثل أساساً في أعمال معقدة لبناء طرق وشق شوارع حول القدسالشرقية ومنطقتها. وأشارت إلى أن إسرائيل استأنفت في الأشهر الأخيرة وبعد توقف دام سنوات الأعمال في شارعيْن كبيرين في مستوطنة «معاليه أدوميم»، فضلاً عن فتح معبر جديد في شعفاط شمال القدسالمحتلة. وقالت الصحيفة إن هذه الأعمال تشير إلى نية إسرائيل ضم كل المستوطنات التي أبقتها داخل الجدار إلى سيادتها على أن «تتنازل» عن الأحياء الفلسطينية التي بقيت خارج الجدار (شرقه)، وهو ما يدعو إليه رئيس البلدية الإسرائيلية للقدس نير بركات الذي يرى أنه بذلك يصحح الميزان الديموغرافي في المدينة فتصبح ذات غالبية يهودية مطلقة. ويرى الخبراء أن النية تتجه الى بناء طرق وشوارع منفصلة لكل من المستوطنين (المسافرين من الغرب إلى الشرق، ومن القدس إلى معاليه أدوميم، ومن الشمال إلى الجنوب، ومن مستوطنات الضفة إلى القدس)، وللفلسطينيين المسافرين من رام الله في اتجاه بيت لحم، وفي المستقبل من الأحياء الجنوبية للقدس في اتجاه أريحا وغور الأردن، في محور يلتف على «معاليه أدوميم». وذكّرت الصحيفة بأن الولاياتالمتحدة تعارض بشدة مشروع إقامة الحي الاستيطاني الجديد لخشيتها من أنه سيبتر الضفة إلى قسمين ويقطعها عن القدسالشرقية، ما سيحول دون تحقيق اتفاق دائم وإقامة دولة فلسطينية. وكشفت الصحيفة أن مسؤولة الشؤون الإنسانية في الاتحاد الأوروبي كريستلينا جيورجيبا بعثت قبل شهرين برسالة إلى وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك أعربت فيها عن قلق الاتحاد من نية إسرائيل إخلاء البدو من تجمعاتهم السكنية بهدف بناء حي استيطاني جديد لليهود. من جهتها، تقول إسرائيل في ردودها ان الغرض من إخلاء البدو هو تنظيم موقع سكني أفضل لهم. وقال مصدر أمني إن مخاوف الأوروبيين «لا أساس لها» اذ لا توجد نية الآن لإخلاء أي شخص او أي بناء جديد، كما «لا يوجد أي مؤامرة إسرائيلية، وعندما ستكون مخططات جديدة، لن نخفيها بل سنطلع الجهات الدولية عليها». ملايين الدولارات لشق طرق التفافية من جهته، أكد عضو إدارة «مجلس السلام والأمن الإسرائيلي» العقيد في الاحتياط شاؤول أريئيلي أن الحكومة الإسرائيلية خصصت مئات ملايين الدولارات لشق شوارع التفافية جديدة في منطقة «إي 1» لإتاحة السفر من جنوب الضفة إلى شمالها، أي من دون المرور في القدس.