أكدت الحكومة التي تقودها حركة «حماس» في غزة أن رئيسها إسماعيل هنية قرر عدم التوجه إلى طهران للمشاركة في قمة دول عدم الانحياز التي ستُعقد في 30 و31 الجاري، وذلك بعد «مشاورات مكثفة» جرت خلال الساعات الأخيرة في المكتب السياسي لمجلس الشورى العام في الحركة والحكومة. ويأتي القرار ليضع حداً لأزمة جديدة عصفت بعلاقات حركتي «فتح» و«حماس» المتوترة أصلاً هدد خلالها الرئيس محمود عباس بعدم المشاركة في القمة في حال حضرها هنية. وفي طهران، اكد الناطق باسم قمة عدم الانحياز محمد رضا فرقاني أن «حماس» ليست مدعوة إلى القمة، مضيفاً أن «الجمهورية الإسلامية لم ترسل حتى الآن أي دعوة رسمية إلى رئيس وزراء حماس». في الوقت نفسه، أوضح الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمانبرست رداً على سؤال لوكالة «فرانس برس» عن دعوة هنية إلى القمة، أن «هنية تلقى دعوة باعتباره ضيفاً خاصاً فقط». عباس وفي رام الله، اتهم عباس أمس «حماس» وهنية ضمناً بالعمل على «تمزيق التمثيل الفلسطيني»، وقال خلال مهرجان: «لن نسمح لأي كان بتمزيق التمثيل الفلسطيني، ونحن قادرون على الحفاظ على أنفسنا وكرامتنا، ونريد وحدتنا والعودة إلى هذه الوحدة والتخلص من وصمة عار الانقسام والانقلاب بالطريقة القانونية». وأضاف: «لدينا ما قدمناه وما أيدنا العالم كله، وسنسير في هذا الخط ولن نيأس حتى نصل إلى الوحدة الوطنية، إنما أن تأتي هذه الجهة أو تلك من أجل أن تقسم وحدتنا وأن تقسم تمثيلنا، فلن نسمح لأي كان في العالم أن يفعل ذلك». كما اعلن وزير الخارجية رياض المالكي امس أن إيران أبلغت السلطة رسمياً أنها لم توجه أي دعوة لهنية لحضور قمة دول عدم الانحياز في طهران. وقال لوكالة «فرانس برس»: «اجتمع صباح اليوم (الأحد) سفير فلسطين في طهران وكذلك سفير فلسطين في الأممالمتحدة رياض منصور مع وزير الخارجية الإيراني علي اكبر صالحي في مقر وزارة الخارجية الإيرانية في طهران، وأبلغهما الوزير الإيراني انه لم توجه دعوة ولا بأي شكل من الأشكال لهنية لحضور قمة دول عدم الانحياز». وأوضح: «بناء على هذا التوضيح، سأغادر غداً (الاثنين) إلى إيران لحضور اجتماعات وزراء خارجية دول عدم الانحياز». لكنه أشار إلى أن حضور الرئيس عباس «سيتأكد بعد وصولي إلى طهران حيث سأطلب مزيداً من التطمينات والإيضاحات، وسيتحدد حضوره القمة بعد اتصالي معه بناء على لقاءاتي مع الجانب الإيراني». وحذر من أن «وفد فلسطين سينسحب بالكامل من أعمال المؤتمر إذا حضر هنية وبأي صفة كانت إلى المؤتمر مع أننا نتوقع أن تسير الأمور على ما يرام». «حماس» في هذه الأثناء، قال الناطق باسم حكومة «حماس» طاهر النونو ل «الحياة» إن «الرئيس محمود أحمدي نجاد وجه دعوة كريمة إلى هنية للمشاركة في قمة عدم الانحياز». واعتبر أن الدعوة «استمرار لموقف إيران الداعم للقضية الفلسطينية». وأضاف أن هنية «عبر خلال الأيام الماضية عن إمكان مشاركته في القمة»، مستدركاً أنه «رأى اليوم (أمس) الاعتذار حتى لا تكون مشاركة الحكومة مدخلاً إلى تعميق انقسام فلسطيني وعربي وإسلامي في شأن القضية الفلسطينية». وشدد على أن هنية «غلب المصلحة العليا للقضية الفلسطينية والتحلي بالمسؤولية العالية». وعزت مصادر في الحركة السبب إلى «عامليْن رئيسين، أولهما الحرص على توحيد الصف الفلسطيني وعدم ترسيخ الانقسام وعدم إظهار قطاع غزة كياناً منفصلاً عن بقية الوطن، وثانيهما الموقف الحالي مما يجري في سورية، والتباين الحاصل في المواقف إزاء الأزمة». ورجح مراقبون أن السبب يعود إلى ضغوط مارستها دول عربية وإسلامية على إيران للطلب من «حماس» عدم المشاركة تجنباً لانقسامات في صفوف الدول العربية والإسلامية في واحدة من المحافل الكبيرة التي تشارك فيها 120 دولة، فضلاً عن اتصالات بين الحركتين وضغوط مارسها عباس. وكان مدير الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية في دمشق أنور عبد الهادي قال إن مصدراً إيرانياً كبيراً في السفارة الإيرانية في دمشق أكد له أن «الدعوة الرسمية الوحيدة لحضور قمة عدم الانحياز وُجهت إلى الرئيس عباس».