يعتقد البعض أننا نطبق الاحتراف في كرة القدم، بخاصة عندما يتردد يومياً في الصحف والبرامج مصطلحات «عقد احترافي، ولجنة احتراف، ولاعبون محترفون» لكن واقع الحال يقول: «إن بيننا وبينه أمداً بعيداً»، أحداث كثيرة شوهت الاحتراف. وكنا نتوقع أن نتجاوزها مع الأيام، لأننا اكتسبنا خبرة في معالجة خللها، لكن حادثتين خلال اسبوع واحد فقط، كشفتا أننا عدنا لأول السطر، ما دام أن العقليات التي يقال إنها محترفة لم تتحرر بعد من ربقة الماضي ولا تفقه من الاحتراف، إلا أنه مجرد عقد مالي ضخم... لاعبون في مهمة وخلال معسكر خارجي، وجهاراً يرتادون المقاهي، ويدخنون المعسل، ولاعب في النادي يتحول إلى مصارع، والشيطان يتلبسه فيقفز إلى مشجع في الحلبة اقصد المدرج، وأثناء التدريب ليلقنه درساً في الصمت. كلتا الحادثتين وقعت في وقت رسمي، وليس خارجه، حتى يقال إنها حرية شخصية، أو دفاع عن النفس كما يروج لذلك أعداء الاحتراف ممن يجدون لأي تصرف وسلوك مشين ألف مبرر، طالما كانت الألوان تخصهم، والنادي ناديهم، ولا يجدون في مقابلها أي عذر لأحد من المعسكر الآخر، وهو ما ينجم عنه تأجيج الشارع الرياضي وزرع الكراهية والتعصب عندما يهول أمر تافه من لاعب وتلطف الأجواء على غيره وهو أشد وأنكى. الحادثتان كشفتا واقع لاعبينا «غير الاحترافي»، وهم يضربون عرض الحائط بقواعد وأسس الاحتراف التي وقّعوا عليه، ويبدو أنهم لم يقرأوا منها حرفاً، ولو كانوا قرأوها ما مارسوا التدخين و«البلطجية عينك عينك» غير مبالين بأحد، كأنهم لا يعرفون ما لهم وما عليهم من حقوق وواجبات، وكيف أن قيود الاحتراف تتطلب احترافاً ونظاماً وليس انحرافاً في السلوك، أو التعامل مع الأحداث الآنية بعنتريات لا تمت للأخلاق الرياضية بصلة. قد يقول قائل ولكنهم عوقبوا وتم الحسم عليهم بناء على لائحة العقوبات الداخلية ولهم أقول: ما حدث من بديهيات الاحتراف التي تقف عندها كل الرغبات الشخصية. والحادثتان كشفتا أيضاً عن وجه الإعلام الرياضي في التعامل مع تصرفات اللاعبين وهو وجه متلون يتنازل فيه البعض عن أخلاقيات المهنة، ويهول ويخترع أحداثاً لم تقع أو يضف لما وقع بهارات مغشوشة ليستميل طرفاً على آخر. ما يحدث في الملاعب والإعلام من تجاوزات هي نتاج ثقافة مجتمع، ولن يجدي فيها احتراف أو خصم أو ايقاف. ومن كانت بيئته بالاسلوب ذاته فلن ينصلح حاله أبداً. [email protected] @Qmonira