كم يؤلمني يا غاليتي أن أراكِ تسكبين الدمع من أجل رجل لم يحبك حقاً، ولكن ما يؤلمني أكثر أن قلبك الطاهر مازال يُمني نفسه بالأماني أنه سيعود إليك يوماً، لذلك سأكتب لك كما لم أكتب من قبل لأحد، وسأبوح لك بأسرار لم تقلها لكِ أمك عن الرجال... في الحقيقة الرجال أنفسهم يخافون أن تعرفيها... فاقرئيها واحفظيها واذكريها كلما تسلل حنينه لقلبك. ليس ذنبكِ أنكِ نشأتِ في مجتمع يجعل حياتك تدور في فلك الرجل... تسمعين في سنوات براءتك «الله يعوضكم بولد»، وفي سنوات مراهقتك «عيب أنت بنت ولست ولداً»، وفي سنوات شبابك «هل تقدم لكِ أحد؟»، وفي سنوات رشدك «أين ولي أمرك، صاحب الحل والعقد؟»، وفي سنوات كهولتك «من حقه يتزوج عليك، ولك الصبر والجلد». وليس ذنبك أن أمك لم ترَ جمالك، وعيرتك بأنك لست بيضاء كابنة فلان، أو هيفاء كابنة علان، وضربت حولك كل سور حتى لا يتكلم عنكِ الجيران، فهي محكومة بمجتمع نظرته لا ترحم، نقطع حياتنا نبحث عن كل ما يرضيه حتى يمنحنا صكوك القبول المستحيلة لكل ما هو أنثى. ما لم تقله أمك إنكِ جميلة جداً، لكن حظك العاثر جعل هذا الجمال موؤود في قياسات الجمال السخيفة عندهم. نست أمك أن تقول لك إنك فريدة وباهرة عندما تكونين أنتِ كما تريدين لا كما يريد الناس. وليس ذنبك أن تفتشي عن الحب، أو أن تقعي في الحب، أو أن يجدك الحب... الحب ليس خطيئة، الحب ليس فضيحة... كم ظلمنا الحب، كم شوهناه عمداً وأغرقناه في سيل الظنون... وإذا حدث يوماً ودخلتِ تجربة الحب، لا تشعري بالذنب أنك وقعتِ في الحب، فالحب أطهر جريمة! وإذا خرج محبوبك من حياتك بلا وداع، لا تسألي لماذا خرج؟ ولا لو كنتِ أو فعلتِ لما خرج... ولا هل كنتِ أنت السبب... ولا تتركي الباب مفتوحاً ولا موارباً... تمنين النفس أن يعود في سمائك محلقاً ولدموعك راحماً... أغلقي الباب خلفه وستفتح الدنيا لكِ أبواباً... فالرجل الذي يحبك حقاً لن يخرج من حياتك كما لم يكن، لن يختفي فجأة ضارباً بمشاعرك عرض الحائط وطول الأرض... تأكدي أن الشمس ستشرق نوراً والقمر سيكتمل بدراً والشتاء والصيف سيتعاقبان... لن يتوقف الكون برحيله أو يتعطل... فلم تعطلين حياتك في انتظاره؟ وتذوين زهرة أيامك في تحسس أخباره؟ الرجل الذي يحبك حقاً لن يمد أمامك صحيفة من ألف عذر وعذر «لماذا لا نستطيع أن نكون معاً»... لا تصدقي رجلاً يقول لك يوماً «قسمة ونصيب»، أو «لا أستطيع»... كاذب هو يا غاليتي... أكذب من سراب صحرائنا القاسية... فالرجل إذا أحبك فعلاً، لن تقف في وجهه أعتى صخرة ليصل إليك... متى تفهمين.. إنه لم يحبك يوماً... هو الآن يبحث عن مخرج يواري فيه فشله في أن يكون رجلاً في زمن قلَّ فيه الرجال. ولأختصر عليك عتابي... عديني أن تخلعي ثوب الحداد وتقرئي لأحلام مستغانمي «نسيانكم»، كتابها الذي علمني ما لم تعلمني إياه تجاربي التائهة... وهنا أبثك نصيحة شقية لأحلام... المرأة التي أفشت أسرار الرجال: «لا تطاردي نجماً هارباً بالسماء، فالسماء لا تخلو من النجوم، فربما حظك القادم هو القمر... لذلك أحبيه كما لم تحب امرأة، وانسيه كما ينسى الرجال»... حبي الكبير. [email protected] @manal_alsharif