كشف مسؤول مغربي بارز أن ملف التعويضات التي حصل عليها وزير المال السابق صلاح الدين مزوار والخازن العام للمملكة نورالدين بن سودة أحيل على التحقيق القضائي. وقال وزير العدل والحريات مصطفى الرميد في مقابلة صحافية أمس إن البحث الذي تقوده الشرطة القضائية في الملف قد يستغرق فترة طويلة، في إشارة إلى مقتضيات تحريات تتطلب الاستماع إلى إفادات مسؤولين في وزارة المال والتدقيق في الوثائق. وعزا الرميد اقتصار البحث في هذه الوقائع على وزير المال والخازن العام إلى ما تسرب من وثائق ومعطيات تداولتها الصحافة. بيد أنه شدد على القول أن وزارته ستفتح ملفات في أي ملفات أو قضايا مماثلة تطفو على السطح وفي مقدمها خلاصات التقارير التي عرض إليها المجلس الأعلى للحسابات والتي تحدثت عن تبديد أموال وسوء تدبير قطاعات عدة، نافياً أي توجه انتقائي في المتابعة القضائية لكبار المسؤولين المتورطين، مما اعتُبر رداً على انتقادات بعض فصائل المعارضة وتحديداً «الاتحاد الاشتراكي». واستدرك الرميد أنه يشعر بالحرج عندما يطاول البحث مسؤولاً سابقاً في المعارضة. وفُهم من كلامه أنه يقصد الوزير السابق في التعليم والعمل الناطق الرسمي باسم حكومة التناوب خالد عليوة الذي يوجد رهن الاعتقال الاحترازي في سجن الدارالبيضاء منذ أسابيع عدة على خلفية خروق شملت مرحلة تدبيره المصرف العقاري والسياحي الذي كان يتولى إدارته. وانفجر ملف تعويضات حازها وزير الاقتصاد والمال السابق صلاح الدين مزوار وشريكه خازن المملكة نور الدين بن سودة الذي يعتبر من رفاق دراسة العاهل المغربي الملك محمد السادس بعد توجيه النائب الإسلامي عبدالعزيز أفتاتي اتهامات إلى مزوار زعيم تجمع الأحرار بأنه يتلقى تعويضات «تحت الطاولة». ورد مزوار بأن كل ما فعله أنه استفاد من تعويضات قانونية كان يسري مفعولها في وزارة المال. غير أن تزامن إثارة الملف مع موجة إعلان «الحرب على الفساد» أضفى بُعداً مثيراً على الحادث، بخاصة أن زعيم الأحرار كان خاض حرباً لا هوادة فيها ضد حزب «العدالة والتنمية» في الانتخابات الاشتراعية الأخيرة، وكان وراء تشكيل تحالف ضم ثمانية أحزاب لقطع الطريق على الحزب الإسلامي. إلا أن التجربة آلت إلى الفشل. وتعرض مزوار الذي كان يعوّل على أن يصبح رئيس حكومة في حال فوز تحالف الأحزاب الثمانية، لموجة انتقاد من طرف مناصريه وخصومه على حد سواء. ويشعر منتسبون إلى تجمع الأحرار الذي أسسه أحمد عصمان، صهر الملك الراحل الحسن الثاني في نهاية سبعينات القرن الماضي، أنهم فقدوا الكثير بسبب حسابات سياسية خاطئة، أُضيفت إليها الورطة التي يوجد فيها وزير المال السابق الذي يجد نفسه قاب قوسين أو أدنى من المساءلة القانونية. ويأتي تحريك الملف في وقت أعلن فيه رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران عن فتح صفحة جديدة أمام المتورطين في نهب المال العام. غير أن دعوته التي اختزلها في مقولة «عفا الله عما سلف» جرّت عليها انتقادات نشطاء في الحرب على الرشوة وحقوقيين يدعون إلى ربط المسؤولية بالمحاسبة وفصائل من المعارضة. على صعيد آخر، زادت حدة المنافسة بين المرشحين لقيادة حزب الاستقلال عبدالواحد الفاسي نجل المؤسس التاريخي للحزب وحميد شباط عمدة فاس زعيم الاتحاد العام للعمال. وفيما أعلنت القيادة المنتهية ولايتها أن المجلس الوطني الذي عهد إليه مؤتمر الحزب انتخاب الأمين العام المقبل وأعضاء اللجنة التنفيذية سينعقد في الثاني والعشرين من أيلول (سبتمبر) المقبل، أفادت مصادر من داخل الحزب بأن أكثر من خطة وفاقية في التقريب بين وجهتي نظر المرشحين فشلت، وأن الاعتقاد السائد أن كل طرف يميل إلى حشد أكبر عدد ممكن من مناصريه داخل المجلس الوطني. وينظر إلى الأزمة التي يجتازها الاستقلال أنها تؤشر إلى صعوبات يمكن أن يكون لها المزيد من التداعيات على الائتلاف الحكومي الراهن الذي يضم أربعة أحزاب هي العدالة والتنمية والاستقلال والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية.