شكّل حضور القيادي الفلسطيني خالد مشعل أعمال المؤتمر السابع لحزب «العدالة والتنمية» الذي يتزعمه رئيس الحكومة عبدالإله بن كيران والذي بدأ أعماله أمس في الرباط حدثاً لافتاً كونه يزور المغرب للمرة الأولى. ونُقل عنه القول إنه سيغتنم الفرصة لإجراء محادثات مع المسؤولين المغاربة. وقال مشعل إن المغرب «يخوض تجربة متميزة في الوفاق الوطني» تمنّى لها النجاح «من أجل تعزيز قوة الجبهة الداخلية». وصرح عبدالله باها وزير الدولة رئيس اللجنة التحضيرية لمؤتمر «العدالة والتنمية» بأن المجلس الوطني سيتولى ترشيح قياديي الحزب والأمين العام والقوانين التنظيمية للحزب، مؤكداً أن تعديلات جوهرية شملت هذه القوانين للملاءمة بين الممارسات الحزبية ومقتضيات الدستور الجدد الذي صدق عليه المغاربة صيف العام الماضي. وأفادت مصادر حزبية أن المؤتمر سيقر أطروحة سياسية جديدة تحدد التزاماته المذهبية والأساسية ومنظوره إزاء الإصلاحات الكبرى. وجاء في مشروع الوثيقة أنها تأتي في سياق «الربيع المغربي» الذي يربط بين الإصلاح والاستقرار والتفاعل مع مطالب الشارع. وفيما رجحت المصادر أن يحظى زعيم الحزب عبدالإله بن كيران بولاية جديدة، لاحظت أن المؤتمر السابع ينعقد والحزب الإسلامي يقود الحكومة الراهنة على رأس ائتلاف يضم أحزاب الاستقلال والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية، ما يعاود طرح الأسس الذي بُني عليها التضامن الحكومي. غير أن حزب «العدالة والتنمية» بدا أكثر حضوراً في تدبير الشأن العام في مقابل أداء أقل إثارة لشركائه في الائتلاف الحاكم، بخاصة لدى عرض إشكالات «الحرب على الفساد» وتقويم الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي يعاني مظاهر أزمة وبعض التوتر. وفي سياق التفاعلات السياسية، يجتاز «تجمع الأحرار» (حزب وسطي) أزمة تهدد مساره الراهن، في ضوء قرار فتح تحقيق في ملف تعويضات كان يتلقاها زعيمه صلاح الدين مزوار وزير المال السابق من موازنة الدولة. وكشفت المصادر أن التحقيق يأتي على خلفية أنباء نشرتها صحيفة «الأخبار المغربية» عرضت إلى استفادة الوزير السابق من تعويضات شهرية تناهز تسعة آلاف دولار، إلى جانب الخازن العام للمملكة نور الدين بنسودة الذي أشارت وثائق إلى حيازته تعويضات بآلاف الدولارات شهرياً، إضافة إلى راتبيهما (هو ومزوار). وفجّرت التسريبات التي حتّمت فتح تحقيق حول مصادرها جدلاً سياسياً ومالياً. فقد انبرى النائب عبدالعزيز أفتاتي من كتلة «العدالة والتنمية» في مجلس النواب إلى وصف الوضع بأنه يندرج في إطار اقتصاد الريع ويشكّل أحد مظاهر الفساد. إلا أن وزارة الداخلية طلبت بدورها فتح تحقيق في ما نسب إلى النائب من أن بعض «الأجهزة» يدعم وزير المال السابق صلاح الدين مزوار. وانعكست تداعيات الموقف على صورة الانسجام الحكومي الذي تعرّض للاهتزاز، بخاصة أن رئيس الحكومة بن كيران عاب على النائب تصريحاته، كما انتقد قرار وزيره في الداخلية محند العنصر اتخاذ قرار في غيابه ومن دون استشارته. ولم يشرع الادعاء العام في تحقيقه نظراً إلى إفادة النائب أفتاتي من الحصانة النيابية. وتساءلت المصادر إن كان الأمر سينسحب على وزير المال السابق كونه من النواب البرلمانيين ما يعطيه حصانة يمكن رفعها عنه. وأفادت معطيات أن الفارق يكمن في «رصد وقائع» في حالة الوزير السابق مزوار، بينما يطاول الأمر التعبير عن الرأي في حالة النائب أفتاتي. وكان صلاح الدين مزوار زعيم «تجمع الأحرار» خاض معركته الانتخابية في مواجهة حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي، وشكّل تحالفاً من ثمانية أحزاب وُصف وقتذاك ب «جي 8» نسبة إلى نادي الدول الثماني الكبرى. إلا أن ذلك التحالف سرعان ما تعرض إلى الانهيار والتصدع، فقد انشق عنه حزب «الحركة الشعبية» بزعامة محند العنصر الذي انضم إلى الائتلاف الحكومي. وتعرّض مزوار في المؤتمر الأخير لحزبه إلى المزيد من الانتقاد، كونه أسهم في «تراجع نفوذ الحزب» الذي أسسه أحمد عصمان صهر الملك الراحل الحسن الثاني عام 1978. وطالب منتقدو مزوار بتنحيه عن قيادة الحزب. غير أن الفرصة تبدو مواتية الآن، على حد تعبير أحد قياديي «تجمع الأحرار» الذي رأى أن مجرد فتح تحقيق مع زعيم الحزب يضرب صدقيته في الصميم. ويسود اعتقاد بأن التحقيق في حال شموله الخازن العام نور الدين بنسودة الذي يُعتبر من رفاق العاهل المغربي الملك محمد السادس في الدراسة، فإن ذلك يؤشر إلى بدء سلسلة جديدة من المبادرات التي قد تطيح أسماء وازنة في نطاق الحرب على اقتصاد الريع والفساد. وكان حزب «الاتحاد الاشتراكي» المعارض انتقد ما وصفه ب «الانتقائية» في اعتقال المدير العام السابق للمصرف العقاري والسياحي القيادي السابق في الحزب خالد عليوة، ودعا إلى أن تشمل التحقيقات والمحاكمات كافة الأسماء التي عرضت تقارير المجلس الأعلى للحسابات إلى تجاوزاتها في تدبير المرافق العامة.