دعا رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بن كيران إلى «الحرب على أشكال الغش كافة». وقال في اجتماع حكومي أمس، إن هذه الحرب ذات أبعاد روحية وأخلاقية تهدف إلى صون مقومات المجتمع. وكان بن كيران يعرض إلى حادث اعتقال تلميذ تورط في الغش في امتحان البكالوريا وأحيل على القضاء، في ضوء إقرار وزارة التربية إجراءات صارمة ركّزت على حظر استخدام التلاميذ الهواتف النقالة ورصد مواقع التواصل الاجتماعي. وقدمت الوزارة بيانات عن حالات تلبُّس بالغش ضبطت في مراكز امتحانات ووصفتها بأنها «محدودة». على صعيد آخر، ألغى المجلس الدستوري ثلاثة مقاعد نيابية حازها حزب «العدالة والتنمية» في الانتخابات الاشتراعية في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وجاء في حيثيات الإلغاء أن المترشحين الفائزين ضمن قائمة كان يرأسها نجيب بوليف، الوزير المنتدب في الشؤون العامة والحوكمة في محافظة طنجة بشمال البلاد، استخدموا رموزاً دينية، في إشارة إلى وضع صورة أحد مساجد المدينة إلى جانب رمز المصباح الذي كان شعار الحزب في الانتخابات. وحازت القائمة على ما يزيد على 40 ألف صوت بفارق يزيد أربعة أضعاف عن المرشحين في الرتب الموالية. ويعتبر القرار أول ضربة للكتلة النيابية للحزب الذي فاز ب 102 من مقاعد البرلمان، يليه حزب الاستقلال ب 60 مقعداً. لكن مصادر مطلعة استبعدت أن يكون للإلغاء أي تأثير على وضع الغالبية النيابية الحالية التي تضم أربعة أحزاب، هي: العدالة والتنمية، والاستقلال، والحركة الشعبية، والتقدم والاشتراكية. إلا أن الدلالات السياسية للحدث من شأنها أن تعاود الجدل حول إبعاد الدين عن الممارسات السياسية، بخاصة إبان انتخابات البلديات والجهات ومجلس المستشارين والتي لم يُحدد موعدها بعد. وكان الوزير بوليف أبدى استغرابه حيال انتقادات كتل المعارضة لحكومة عبد الإله بن كيران، وتحديدا إزاء عدم فرض ضريبة على الأثرياء. وتساءل: «لماذا لم تتخذ الحكومة السابقة التي كانت تضم بعض فصائل المعارضة الحالية مثل هذا الإجراء مع أنها كانت تملك سلطة القرار؟». ودعا إلى التزام الوضوح، قائلاً: «إما أن نكون مع الإصلاح أو ضده»، مشيراً إلى أن الحكومة بصدد إقرار المزيد من الإجراءات ذات الطابع الاجتماعي. وألمح بهذا الصدد إلى أن «لا معنى لتوزيع الدقيق» الذي تدعمه الدولة في المناطق الحضرية كونه موجهاً لاستهلاك الأسر الفقيرة بخاصة في الأرياف. وأعلن استمرار دعم القطاعات الإنتاجية الإستراتيجية ضمن منظور يعاود النظر في دور «صندوق المقاصة» وكلفته. وكان حزب الاتحاد الاشتراكي المعارض اقترح ضريبة الثروة، داعياً إلى فرضها على الأثرياء بدل الاقتصار على محدودي الدخل. غير أن مسؤولين حكوميين رأوا أن مثل هذا الإجراء من شأنه أن ينعكس سلباً على قطاع الاستثمارات، إضافة إلى صعوبة فرضه في غياب إحصاءات دقيقة. إلى ذلك، نقل عن وزير العدل والحريات مصطفى الرميد، قوله إن ملف الاتهامات التي طاولت وزير المال والاقتصاد السابق صلاح الدين مزوار في موضوع تلقّيه أموالاً «تحت الطاولة» رهن الدرس من طرف الادعاء العام الذي سيقرر فيها. وجاء التصريح عقب مطالبة كتلة «تجمع الأحرار» الذي يتزعمه مزوار بتحقيق في الاتهامات التي أطلقها النائب عبدالعزيز أفتاتي المنتسب إلى «العدالة والتنمية» الإسلامي. وترددت أنباء أمس، حول عزم الكتلة النيابية للأحرار مقاطعة اجتماعات البرلمان، فيما ألقت الاتهامات بظلال على الجدل الدائر حول معاودة تنظيم قطاع المال في البلاد. وتقول المصادر إن كبار موظفي القطاع يحظون بوضع استثنائي في منح التعويضات التي يُعتقد أنها تُجلب من عائدات الضرائب واستخلاصات الجمارك. وكان وزراء في حكومة بن كيران صرّحوا بالرواتب التي يتلقونها، وفي مقدمهم رئيس الحكومة، الذي تردد مرات عدة أن راتبه لا يتجاوز 50 ألف درهم، أي حوالى 6 آلاف دولار، لكن من دون احتساب التعويضات. غير أن أجور كبار الموظفين بخاصة في المؤسسات العامة وشبه العامة تُعتبر الأكبر قياساً إلى نظرائها في دول متقدمة.