أصيب امس القطاع العام في لبنان بشلل، حين نفذ موظفوه وأجراؤه إضراباً ليوم واحد واعتصموا في المناطق كافة أمام مباني الوزارات، مطالبين بإقرار سلسلة الرتب والرواتب الجديدة التي ترفع درجات الموظفين ورواتبهم. وينظم هؤلاء تظاهرة صباح اليوم تتجه الى السراي الحكومية أثناء عقد مجلس الوزراء فيها، للبحث في تكاليف إقرار السلسلة على الخزينة العامة، وسط اقتراحات برفع بعض الضرائب لتمويل الزيادة التي تترتب على إقرارها. في هذا الوقت، تفاعلت أمس قضية طلب رئيس الجمهورية ميشال سليمان من وزير الخارجية عدنان منصور توجيه كتاب احتجاج الى الجانب السوري على تزايد الخروق السورية للأراضي اللبنانية في منطقتي البقاع الشمالي ومنطقة وادي خالد شمال لبنان، بعدما استغرب السفير السوري في بيروت علي عبدالكريم علي موقف الرئيس اللبناني، معتبراً أن الجانب السوري هو الذي يجب أن يحتج لتعرضه لرشقات نارية من الأراضي اللبنانية. وفيما اجتمع الوزير منصور مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمس للتشاور معه في نص المذكرة التي سيسلمها الى السفير، لقي موقف سليمان إشادة من قوى 14 آذار التي زار وفد منها منصور من أجل البحث في ترتيبات الوزارة لآلية اقتراع اللبنانيين المقيمين في الخارج. ورأى النائب أحمد فتفت أن السفير السوري تجاوز الكثير من الحدود في موقفه، معتبراً أن إرسال هذا السفير الى دمشق قد يكون هو المطلوب. وأشادت كتلة «المستقبل» النيابية بموقف رئيس الجمهورية معتبرة أنه شجاع وأساسي. واستنكرت، بعد اجتماعها برئاسة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة «وضع الحكومة ورئيس رؤوسهم في رمال الصمت والتجاهل للانتهاكات الصادرة عن النظام السوري». وشكر عضو «جبهة النضال الوطني» النيابية أكرم شهيب سليمان على موقفه معتبراً أنه «أعاد للدولة بعضاً من هيبتها التي فقدتها بنأي غير مقبول عن معاناة مواطنين تحمّلوا اعتداءات نظام يتهاوى، معادٍ لشعبه». وهاجم «فجور السفير السوري»، مطالباً بطرده. وعلمت «الحياة» أن الوزير منصور أعد مسودة أولية للمذكرة التي ينوي تسليمها الى السفير وأنها سلمت الى الرئيس سليمان لإبداء رأيه فيها في ضوء تباينات في شأن لهجتها بفعل الاختلاف في مقاربة الأمر بين مكونات الحكومة، إذ ان سليمان كان طلبها، مشيراً الى اجتياز الحدود (من الجيش السوري) وتفجير منزل وتكرار سقوط قذائف على قرى حدودية، فيما اكتفى مكتب ميقاتي الإعلامي بالإشارة الى «الأحداث الأخيرة على الحدود اللبنانية - السورية»، بينما أفادت مصادر مطلعة أن الوزير منصور أخذ في الاعتبار موقف فريقه السياسي (أمل و»حزب الله») الحليف للنظام السوري في صوغه المذكرة، فخفف من لهجتها هو الآخر. وينتظر أن يحدد الرئيس سليمان السقف الذي ورد في تصريحه أول من أمس في نص المذكرة، في وقت أدى تزايد تداعيات الأزمة السورية على لبنان، لا سيما لجهة تدفق النازحين الى أرضه بفعل توسع الصدامات في دمشق وريفها وغيرها من المناطق، الى توالي المواقف الدولية التي تلتزم تقديم المساعدة الى حكومته من أجل القيام بواجباتها حيال النازحين. ونقل المنسق الخاص لنشاطات الأممالمتحدة ديريك بلامبلي الى ميقاتي قلق أعضاء مجلس الأمن من الحوادث على الحدود اللبنانية - السورية، والتزام المجتمع الدولي دعم الحكومة لتلبية واجباتها الإنسانية تجاه آلاف النازحين. وكان للسفيرة الأميركية في بيروت مورا كونيللي موقف ذهب الى حد التشديد على «أهمية حماية جميع اللاجئين بما في ذلك المعارضين والمنشقين الذين نبذوا العنف، وعلى التزام الولاياتالمتحدة تقديم المساعدة للاجئين السوريين والمجتمعات اللبنانية التي تستضيفهم»، بعد لقائها وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور. واستمر تسليم «داتا» حركة الاتصالات الخليوية الى الأجهزة الأمنية موضوع تجاذب بعد أن كان عدم تسليمها للتحقيق في محاولتي اغتيال رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع والنائب بطرس حرب، أحد أسباب تعليق قوى 14 آذار مشاركتها في جلسة الحوار أول من أمس. وكررت كتلة «المستقبل» شرح موقفها هذا متهمة «أطرافاً شريكة في الحوار تتحكم بالقرار الحكومي بعدم السماح بحصول الأجهزة الأمنية على المعلومات الضرورية عن حركة الاتصالات». ورأت الكتلة أن «الامتناع عن تزويد الأجهزة بشكل تلقائي ومستمر يطعن بصدقية هذه القوى وبجدوى الحوار معها في ظل تمسكها بالسلاح الخارج عن الشرعية» ودعت الى الإسراع في القبض على الذين شاركوا في محاولتي اغتيال جعجع وحرب ورفع الحماية عنهم. وكان «حزب الله» أصدر بياناً نفى فيه أي علاقة له بمحاولة اغتيال حرب، متهماً الأخير وقوى 14 آذار بتوجيه الاتهام جزافاً، و «بالتوظيف السياسي لهذه الادعاءات الكاذبة». ورد حرب بأنه لم يتهم الحزب وأن المطلوب من الأخير أن يقدم الكادر المطلوب للتحقيق الى الأجهزة الأمنية. واعتبر رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي ميشال عون أن طلب «داتا» الاتصالات كاملة «غير دستوري وغير قانوني وهو مطلب ابتزازي».