أرجأ رئيس الجمهورية اللبناني ميشال سليمان اجتماع «هيئة الحوار الوطني» الذي كان مقرراً اليوم الى 16 آب (أغسطس) المقبل بعد أن أكدت «قوى 14 آذار» موقفها بتعليق مشاركتها في الحوار، معتبرة أن آلية تزويد الأجهزة الأمنية «داتا» الاتصالات الخليوية والتي تقررت في اجتماع وزاري – قضائي – أمني السبت الماضي «غير واضحة»، ونظراً الى تخوفها من أن الوزراء المعنيين بتسليم هذه «الداتا» لن يلتزموا توجيهات رئيس الجمهورية في هذا الصدد. وفيما استمرت قضية ازدياد عدد النازحين السوريين على الأرض اللبنانية وكذلك الخروق السورية للحدود مع لبنان، وكان آخرها أمس إطلاق زورق سوري النار على زورق صيد لبناني في المياه الإقليمية، عبّر سليمان أمس عن استيائه من اجتياز قوة سورية الحدود أول من أمس حيث فجرت منزلاً في منطقة مشاريع القاع البقاعية، وسقوط قذائف في المناطق الشمالية، وطلب في أول خطوة من نوعها من وزير الخارجية عدنان منصور تسليم السفير السوري في بيروت علي عبد الكريم علي كتاب احتجاج الى السلطات السورية في هذا الشأن. وجاء موقف سليمان هذا بالتزامن مع إيفاده أحد مستشاريه الوزير السابق خليل الهراوي للقاء كل من قطبي قوى 14 آذار رئيس حزب «الكتائب» الرئيس السابق أمين الجميل، ورئيس كتلة «المستقبل» النيابية رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، ليبلغهما بما تقرر في الاجتماع الذي رأسه السبت الماضي حول تسليم «داتا» الاتصالات للأجهزة الأمنية كاملة لكن على دفعتين. وإذ أبلغ الموفد الجميل والسنيورة أن رئيس الجمهورية يؤكد تمسكه بجدول أعمال الحوار المتعلق ببحث موضوع السلاح وكيف ومتى وأين يستخدم كما وضعه في دعوته هيئة الحوار، علمت «الحياة» أن الجميل أبلغ موفد رئيس الجمهورية «أننا ننتظر التزام المسؤولين عن تسليم داتا الاتصالات بتوجيهات رئيس الجمهورية وعلى ضوء ذلك نأخذ الموقف المناسب لأننا متخوفون من ألا يلتزم بعض الوزراء بقرارات الرئيس، بل بقرار كتلهم وأحزابهم». وأشارت مصادر الجميل الى أن الرئيس سليمان دعا الى اجتماع للوزراء والقضاة والقادة الأمنيين الذين اجتمعوا السبت الماضي برئاسته في 30 الجاري، لتقويم جدية الالتزام بتسليم «الداتا»، «فإذا كان التنفيذ غير مرضٍ، من الصعب أن نكون محاورين على طاولة الحوار وطرداء في الشوارع تلاحقنا محاولات الاغتيال». وأكدت المصادر أن «بعض قوى 8 آذار يربط قرارنا تعليق مشاركتنا في الحوار بالتطورات الإقليمية، تارة في سورية وأخرى بالموقف السعودي وغيرهما من الأمور، وبدلاً من أن يفعلوا ذلك فلينظروا الى محاولات الاغتيال في الداخل وإلى ما قاله رئيس كتلة نواب حزب الله محمد رعد وخطاب الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، فيكتشفون أن موقفنا داخلي صرف». أما الرئيس السنيورة فأكدت مصادره أنه سأل موفد سليمان: «ما علاقة الهيئة القضائية التي يحيل وزير الاتصالات عليها طلب داتا حركة الاتصالات فيما القانون 140 الذي ينظم عملها يتعلق بتعقب المخابرات عبر مركز التحكم، والذي يعني التنصت، في وقت حصول أجهزة الأمن على حركة الاتصالات لا يتيح أي تنصت؟». وأكد السنيورة أن داتا الاتصالات «يجب أن تكون في حوزة الأجهزة الأمنية تلقائياً ولا مبرر لإعطائها بالتقسيط لأنه يثير الريبة». كما ذكّر السنيورة بأن الحكومة «لم تقم بخطوة في موضوع حماية الشخصيات المعرضة للاغتيال». وقالت مصادر رئاسية إنه بعد حصوله على جوابي الجميل والسنيورة أجرى سليمان اتصالات بعدد من أقطاب الحوار، ومنهم رئيسا المجلس النيابي نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي، ثم ترأس اجتماعاً لفريق عمله صدر إثره بيان عن الرئاسة أعلن فيه أنه «نتيجة الاتصالات والمشاورات ونظراً الى الحاجة للمزيد من التشاور قرر رئيس الجمهورية تأجيل الاجتماع الى 16 آب لمتابعة البحث في الاستراتيجية الدفاعية الموضوع على جدول الأعمال». وكان رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط أكد موقف حزبه «الثابت بتأييد استمرار الحوار وفق نص الدعوة التي وجهها رئيس الجمهورية المتعلقة بكيفية الإفادة من سلاح المقاومة ومعالجة السلاح الفلسطيني والسلاح في المدن»، وطالب «بجلاء كل الملابسات المتعلقة بداتا الاتصالات»، محذراً من أن «الجو المتنامي حيال الاغتيالات قد يجعل تنفيذها في هذه اللحظة الحرجة مسألة ممكنة لتخريب الوضع الداخلي». ولفت تذكير جنبلاط في معرض انتقاده للسيد نصرالله بأنه «كان من الأفضل ألا يجعل أحد رموز القتل والقمع والتنكيل بحق الشعب السوري رفيق السلاح»، وبأن «ترقية العماد آصف شوكت (الذي قتل في تفجير مبنى جهاز الأمن القومي في سورية الأربعاء الماضي) من رتبة عميد الى رتبة لواء تمت في يوم 14 شباط (فبراير) 2005 أي يوم تنفيذ جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري».