نذير شاب جامعي يدرس سنة ثانية محاسبة. خطط لعمله الصيفي هذه السنة بطريقة مختلفة عن السنوات الثلاث الماضية. فهو كان يعمل خلال عطلته كنادل في محل لبيع المثلجات، لكن شهر رمضان حل هذه السنة في عز موسم الاصطياف ما يؤثر على مدخوله المالي فقرر العمل عند صاحب مزرعة يقطف الأغلال من خضر وفواكه. نذير من بين مئات الآلاف من الشباب والطلاب في الجزائر ممن يعتمدون على مداخيل عملهم الموسمي في الصيف لتحضير دخولهم الجامعي أو تامين دخل ولو موقت. لكن موعد حلول الشهر الكريم هذه السنة جعل مداخيل الشباب اقل، سواء بالنسبة للذين يعملون في النشاطات المرتبطة بالسياحة الشاطئية أم من يشتغلون كحراس شواطئ ضمن أفراد الدفاع المدني، أم حتى الجامعيات اللواتي يشتغلن مضيفات في قاعات الأفراح حيث اصبحن على رأس قائمة المطلوب تشغيلهم. ويقول نذير إن العمل في الحقول لجمع الغلال متعب خاصة في فصل الصيف وبشكل مضاعف في رمضان! ويوضح: «نشتغل تحت درجة حرارة تقارب أحياناً 42 مئوية، لكن في المقابل اجني ضعف ما كنت اجنيه من عملي كنادل في محل المثلجات بشاطئ تيبازة غرب العاصمة». ويتقاضى نذير حوالى 800 دينار في اليوم أي ما يعادل حوالى 80 دولاراً، مقابل عشر ساعات عمل يومياً، بالإضافة إلى انه يحمل يومياً معه خضراً أو فاكهة من المزرعة التي يشتغل فيها. ويرى نذير أنه أحسن صنعاً عندما فكر في تغيير نشاطه في هذا الصيف. فمن جهة لا يؤثر حلول رمضان على مداخيله بالإضافة إلى انه يضاعف ما يحصل عليه من مال يؤمن له جزءاً كبيراً من مصاريف دراسته الجامعية بخاصة أن السنة المقبلة سيجد نفسه أمام مصاريف إضافية لإنجاز رسالة تخرجه. وإن كان نذير وجد الحل في مزارع الخضر والفواكه، فإن عماد صاحب ال24 ربيعاً الذي حالت شهادة البكالوريا دون مواصلة مشواره الدراسي، ومن حينها وهو في معركة البحث عن عمل مستقر لم يستطع أن يحصل عليه حتى الآن، تغلب على شبح البطالة من خلال العمل في المخيمات الصيفية كمنشط ومرب للأطفال. وبقية أيام السنة يشتغل بائعاً في الأسواق، وبحكم أن عمله منشطاً في المخيمات الصيفية انتهى مبكراً هذه السنة بسبب حلول شهر رمضان وعودة المصطافين إلى ديارهم، فإنه يحضر هو وأخوه الأصغر لبيع الخبز والمأكولات التقليدية التي تحضرها والدتهما خلال رمضان. ويقول عماد إنه بالرغم من أن ما يحصل عليه من خلال بيع الخبز التقليدي أكثر بكثير من عمله في المخيمات الصيفية مع الأطفال، يحب العمل أكثر إلى جوار هؤلاء إذ يجد راحته معهم ويمكنه ربط صداقات مع عائلات من مختلف أرجاء البلاد. ويبقى انتهاز فرصة رمضان لفتح تجارة موسمية الحل الأمثل بالنسبة لكثيرين من الذين كان حلول الشهر الفضيل في عز الصيف وراء إنهاء فرص عملهم مبكراً، بخاصة بالنسبة للذين يعتمدون على بيع المأكولات والمشروبات في الشواطئ أو من يؤجرون الكراسي والشمسيات للمصطافين، إذ يتحولون نحو بيع المأكولات والحلويات التقليدية وهو النشاط الذي عرف رواجاً كبيراً في أوساط الشباب والطلاب في السنوات الأخيرة، أو العمل كمساعدين في محال بيع الملابس التي يجد أصحابها أنفسهم مضطرين للاستعانة بعمال إضافيين خلال هذا الشهر لتلبية الطلبات المتزايدة للزبائن.