مع كل شهر رمضان، الذي يستغله قطاع واسع من التجار لرفع مداخليهم نظراً إلى ازدياد الطلب على السلع الاستهلاكية والغذائية، يجد شباب جزائريون ولا سيما العاطلون والجامعيون فرصة لكسب المال ووضع حد ولو موقتاً لبطالتهم وعجزهم المادي. ويستغل شباب جزائريون شهر الصيام وفترة العيد لإقامة مشاريع تجارية موسمية تبدأ مع بداية الشهر وتنتهي بنهايته حتى طبعت تلك الأعمال السنوات الأخيرة من مواسم رمضان. وأبرز تجارة هي بيع الأكلات التقليدية التي تعتبر أطباقاً رئيسة على مائدة الإفطار الجزائرية ومنها «البوراك» أو «البريك» سيد المائدة الذي لا يمكن الاستغناء عنه. وتقدم تلك الأكلات الشعبية إلى جانب «الشوربة فريك» أو «الحريرة» أو «الجاري» وهي تسميات متعددة لطبق الحساء الذي تختلف طرق تحضيره بين مناطق الغرب والوسط والشرق الجزائري. وتحول «البوراك» و «البريك» إلى تجارة مربحة تدرّ على الشباب ممن يختصون في بيعه مصدراً لجني عائد مالي «محترم» بحسب هشام (23 سنةً). ويقول: «مند سنتين أبيع البوراك في شهر رمضان. والدتي طباخة ماهرة وتقوم بتحضيره وهو ما مكنني من كسب الكثير من الزبائن ولا أذكر يوماً كسدت فيه بضاعتي». هشام الذي يزاول تجارته في قلب حي باش جراح الشعبي في العاصمة الجزائر، يزين بضاعته على طاولة متوسطة الحجم إلى جانب شباب آخرين ينافسونه في التجارة نفسها، أو في تخصصات أخرى كبيع «خبز الطاجين» التقليدي. ويتفرغ هشام طيلة الشهر لبيع «البوراك»، وهو الذي لا يعمل سوى ثلاثة إلى أربع أشهر في السنة، علماً أن تجارته تدرّ له ما لا يقل عن 10 ملايين سنتيم أي حوالى ألف دولار. ويراوح سعر البوراك بين 100 و200 دينار جزائري، وتختلف الأسعار باختلاف المواد التي تستعمل في تحضيره. فالبوراك الذي يحضر باللحم المفروم أقل سعراً من البوراك الذي يحضر بالجمبري ولكنه أغلى من ذلك المحشو بالبطاطا المسلوقة والجبن. ويحضر البوراك من رقائق العجين ويتم حشوه أساساً بالبطاطا المفرومة ويضاف إليه اللحم أو الجمبري أو السلق. ويختلف «البوراك» عن «البريك» لكون الأول يأتي في شكل ملفوف، أما «الببريك» فيأتي في شكل مربع وأكبر حجماً. محمد (21 سنةً) شاب جامعي في سنته الثالثة ويبيع خبز الطاجين والبوراك في الحي الشعبي المشهور باب الوادي في العاصمة خلال رمضان. ويربط محمد ازدهار هذه التجارة ب «تحولات تشهدها الأسرة الجزائرية التي كانت تحضر أطباقها الرمضانية في البيت، وأصبحت اليوم تعتمد على شرائها من الطاولات الفوضوية». ويقول: «ربات البيت ممن يعمدن إلى شراء مثل هده المأكولات يقضين طيلة اليوم في الشغل ولا يتسع لهن الوقت لتحضيرها، ومنهن من لا يحسن تحضيرها فيعتمدن على ما يباع في السوق على رغم أن لا أحد يعرف في أي ظروف تحضر وهل يتم احترام شروط النظافة التي تنعدم في أماكن البيع». لكن ذلك لا يمنع محمد من الاستفادة من شهر رمضان لكسب بعض المال، فيساعد عائلته من جهة ويؤمن بعض مصاريف الدراسة من جهة ثانية.