قالت الحكومة العراقية إن السفير السوري في بغداد نواف الفارس غادر الأراضي العراقية متوجهاً إلى دولة قطر. ويعد هذا أول انشقاق من نوعه لديبلوماسي سوري عن نظام بشار الأسد منذ اندلاع الاضطرابات في آذار (مارس) العام الماضي، بعد أن كانت الانشقاقات تقتصر على عناصر وضباط الجيش. وبعد ساعات قليلة من نفي حكومة إقليم كردستان الأنباء عن لجوء الفارس إلى الإقليم، أعلن وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في باريس، إن «السفير السوري يتواجد الآن في قطر، وانشقاقه شكل مفاجأة، لأنه كان موالياً لنظام بشار الأسد». قال زيباري ل «الحياة»: «السفير السوري في العراق لم يعلن انشقاقه في العراق فهو خرج من العراق ولم يقول لنا شيئاً». وقال زيباري إن السفير السوري المنشق «سيأتي من حين لآخر إلى بغداد. أعرفه وهو رجل لديه خلفية عسكرية وأمنية قوية». ورفض زيباري تلميحات بأن إيران تؤثر في موقف بغداد بخصوص سورية وأكد من جديد موقف العراق الذي يرى أن تنحي الأسد هو أمر يقرره الشعب السوري. وحول رؤية رئيس الحكومة البريطانية دافيد كاميرون والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أن نص قرار جنيف لمجموعة العمل حول سورية كان ضعيفاً قال زيباري: «النص كان توافقياً، إذاً لا بد أن يكون فيه ضعف ولكن الأمر الإيجابي أن التوافق كامل ووصلوا إلى وسط الطريق وأصدروا النص. حالياً أي محاولة لإخراج هذا النص من فحواه سوف تصطدم بمعارضات روسية صينية قوية». وعن رفض الروس حالياً بوضع القرار الجديد في مجلس الأمن تحت الفصل السابع قال: «روسيا رافضة للفصل السابع وقد تم الحديث حول الموضوع في جنيف عندما طلبت الولاياتالمتحدة وقطر وتركيا أن يكون تحت الفصل السابع ورفضت روسيا». وكان الوزير العراقي في زيارة إلى باريس حيث افتتح مكاتب السفارة العراقية الجديدة في جادة فوش في باريس والتقى مساء نظيره الفرنسي لوران فابيوس وقال عن اللقاء المرتقب: «لقد سبق لنا وعملنا مع الفريق الاشتراكي الفرنسي ولدينا علاقات اقتصادية مع فرنسا خاصة في النفط والطاقة وهناك تراخيص أخرى في هذا المجال قد تأخذ الشركات الفرنسية حصة منها ثم هناك أيضاً مسائل نبحثها على صعيد قطاع الدفاع». وكان الفارس أزال الالتباس الذي لف أنباء انشقاقه، بعد أن أعلن صحة ذلك من خلال شريط فيديو بث أول من أمس على قناة الجزيرة القطرية ووصف فيه الرئيس السوري بشار الأسد ب «الديكتاتور». وأعلن الفارس في الفيديو انشقاقه عن النظام وانضمامه إلى «صفوف الثورة»، داعياً العسكريين خصوصاً إلى أن يحذوا حذوه. وقال الفارس في الشريط: «أعلن استقالتي من مهمتي كسفير للجمهورية العربية السورية لدى العراق الشقيق. كما أعلن انسحابي من صفوف حزب البعث العربي الاشتراكي». وأضاف وقد ظهرت خلفه صورة لمتظاهرين يرفعون علم الاستقلال السوري الذي أصبح شعاراً للانتفاضة الشعبية ضد الأسد: «أعلن انضمامي منذ هذه اللحظة إلى صفوف ثورة الشعب في سورية وهو مكاني الطبيعي في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها سورية الحبيبة». وتابع: «أدعو كل شرفاء هذا الحزب (البعث) إلى أن يحذوا حذوي لأن النظام حوله إلى أداة لقمع الشعب وتطلعاته نحو الحرية والكرامة وغطاء لكل رذائله وموبقاته». وتزامنت هذه التطورات مع زيارة قام بها مبعوث الأممالمتحدة كوفي أنان إلى بغداد قادماً من طهران، ضمن جولة أجراها لحشد الدعم لإيقاف أعمال العنف في سورية وتنفيذ خطته للحل. ويأتي انشقاق الفارس في أعقاب انشقاق العميد مناف طلاس صديق الأسد في الأسبوع الماضي. في موازاة ذلك، أعلنت وزارة الخارجية والمغتربين السورية أمس «إعفاء» السفير السوري من مهماته بعد إدلائه بتصريحات إعلامية «تتناقض مع واجبه الوظيفي بالدفاع عن مواقف القطر (سورية) وقضاياه». وجاء في بيان الخارجية السورية الذي تسلمت «الحياة» نسخة إلكترونية منه أن نواف الفارس «أدلى بتصريحات إعلامية تتناقض مع واجبه الوظيفي بالدفاع عن مواقف القطر وقضاياه، الأمر الذي يستوجب المساءلة القانونية والمسلكية»، مشيرة إلى أنه غادر مقر عمله في سفارة الجمهورية العربية السورية في بغداد «من دون الحصول على موافقة مسبقة من وزارة الخارجية، كما تنص التعليمات المعمول بها في السلك الديبلوماسي وبعثاتنا الديبلوماسية». وتابع بيان وزارة الخارجية أن الفارس «أعفي من مهامه أصولاً، ولم تعد له أية علاقة بسفارتنا في بغداد أو بوزارة الخارجية والمغتربين»، لكنها أشارت إلى أن السفارة «ستواصل عملها المعتاد وبالكفاية المعهودة لخدمة مصالح الشعبين الشقيقين». وينحدر الفارس من محافظة دير الزور التي تشهد اشتباكات عنيفة وتولى عام 1994 منصب رئيس لفرع الأمن السياسي في محافظة اللاذقية، وفي عام 1998 عين أميناً لفرع حزب البعث في دير الزور ومحافظاً للاذقية، ثم محافظاً لأدلب في عام 2000، وللقنيطرة في عام 2002، وفي عام 2008 عين كأول سفير سوري لدى بغداد بعد سقوط النظام العراقي السابق.