إذا انتقدت شخصاً، أو أشخاصاً، واتهمته أو اتهمتهم، بالجهل والفشل والكسل فهو رأي يضمن القانون حقي في إبدائه، ولكن إذا هاجمت شعباً أُحاكم بتهمة العنصرية. وهكذا فأنا أهاجم حكومة اسرائيل وأتهم أعضاءها بالتطرف وارتكاب جرائم وما الى ذلك، إلا أنني لا أهاجم اليهود، وإنما أذكر عادة ان بينهم دعاة سلام نشطين وأفضل ممن عندنا. قبل سنة أو نحوها هاجمت 36 شخصية عشائرية اردنية وجهوا رسالة الى الملك عبدالله الثاني اعتبرتها قليلة الادب. ولكن خشية ان اتهم بالعنصرية قلت في المقال نفسه ان العشائر «سمتها الشهامة والخلق والادب» وانني اتحدث تحديداً عن «موقعي البيان وليس عن عشائر الاردن عماد البلاد.» طبعاً المستهدفون بكلامي وانصارهم تجاوزوا مدحي العشائر، واعتبروا انتقاد اصحاب الرسالة انتقاداً للعشائر كلها، وهذا خطأ فأنا بدأت العمل الصحافي في وكالة رويترز، وأعرف قوانين الصحافة البريطانية حيث أقيم، ولا يمكن ان اكتب ما يفسر بالعنصرية، واذا كنت لا أهاجم اليهود كشعب، فأنا لن أهاجم العشائر أو أي شعب عربي. هذا عيب كبير حتى من دون نصوص القانون. ومن العشائر الى الكويت، فقد كتبت مقترحاً ان يسعد الكويتيون بحياتهم لأن ليس عندهم مشاكل كبرى تكاد تستعصي على الحل مثل مصر وسورية وليبيا والسودان وغيرها. وفوجئت بعد ذلك بردود فعل كادت أن تسجل رقماً قياسياً فقد تلقيت بريداً الكترونياً كثيراً، وكانت هناك عشرات الرسائل عبر «تويتر» وتعليقات في الصحف الكويتية. أهلاً وسهلاً ألف مرة بكل من يختلف رأيه عن رأيي، وقد أيّدني كثيرون في حين ان آخرين افترض انهم معارضون، اختاروا طريق القراءة الانتقائية والكذب احياناً، وقلب معاني الكلمات. خاطبت الكويتيين جميعاً، ودعوتهم الى الاستمتاع باجازة الصيف، ولم أهاجم معارضة أو موالاة، بل تجاوزت الحكومة، ولم أذكر البرلمان كله، وانما كان المقال مقارنة بين اسباب السعادة في الكويت والمشاكل الهائلة في الدول العربية الأخرى. في جريدة «الكويتية» كتب صلاح الهاشم انني نقلت عن الشيخ صباح الأحمد عندما كان وزيراً للخارجية كلامه عن صدام حسين الذي وجده مغروراً متغطرساً ومغامراً بلا عقل، «وذلك قبل مؤتمر القمة الذي عقد في بغداد قبل الغزو». أنا قلت بعد القمة فما سمعت كان تعليق الشيخ صباح على تصرفات صدام حسين خلال القمة. وإذا شاء القراء ازيد لهم من كلام الامير ان الرئيس العراقي جلس في مقعد أعلى من مقاعد الزعماء الآخرين ووضع رجلاً على رجل ونعل حذائه أمامهم. أنا نقلت عن شاهد عدل وهو يستطيع ان ينفي ما اقول اذا وجده غير صحيح. السيد الهاشم يقول انه سمع غير ما سمعت ويتحدث عن تصريح للصحاف، وهذا ليست له علاقة اطلاقاً بكلام الوزير الكويتي (الامير الآن)، فمصدري ثقة، أما الصحاف فله من اسمه نصيب في التصحيف لأنه كان يكذب إذا فتح فمه. في سوء ما سبق زعم الكاتب ان الكويت «تتصدر لائحة الفساد العالمي» ولعله يريد ان تكون كذلك ليبرر تطرفه، فما كتبت حرفياً هو ان الكويت «في الربع الاول من قائمة الفساد العالمية» أي انها افضل من ثلاثة ارباع العالم، والمؤشر موجود على الانترنت، ولا يحتاج الى أكثر من ضغط على زر لقراءته. الأخ أحمد اسماعيل بهبهاني في «البلاد» فهم مقالي كما كتبته وانتقد الذين استعملوه ليكذبوا على أهل الكويت. وأشكره، إلا أنني لا أشكر فؤاد الهاشم في «الوطن» فقد كتب مقالاً عن رجب طيب اردوغان وتركيا وخرج في النهاية ليخاطبني بهذه الكلمات: انصح الزميل العزيز والكاتب الكبير جهاد الخازن من جريدة «الحياة» اللندنية بأن يفك علاقاته المالية والاستثمارية مع الحرامي السوري الكبير رامي مخلوف. انها نصيحة من زميل الى زميل. اخشى ان يصدم فؤاد الهاشم وانا اقول انني لا أعرف رامي مخلوف. لم أره في حياتي. لم أجر معه أي اتصال مباشر أو غير مباشر. وربما صدم اكثر وأنا اقول له ان ليست لي علاقات مالية أو اسثمار من أي نوع مع أي طرف في العالم كله، ولم أحاول في حياتي كلها ان ابدأ «بزنس» أو اشارك فيه. ليس لي غير دخلي من عملي وهو عالٍ ويكفيني. لا أدري اذا كان الهاشم الثاني يعتبر نفسه خفيف الدم ليقول ان لي علاقات مالية واستثمارية مع رامي مخلوف، فهذا الرجل يواجه عقوبات وحجوزات وقرارات دولية ضده، ولو تعاملت معه لخالفت القوانين البريطانية وقرارات اوروبية واميركية، وواجهت المحاكم في جناية لا مجرد جنحة. هل ادرك ان هذا ما يتهمني به؟ لن أعود الى هذا الموضوع بعد اليوم، وإنما أتحدى الذين تعمدوا إساءة فهم كلام بسيط الى مقابلتي في مناظرة في الكويت فنضع ما كتبت وما كتبوا أمام جمهور يقرر من أخطأ ومن أصاب. [email protected]