لم تحمل النتائج الجزئية التي أُعلنت أمس لانتخابات المؤتمر الوطني العام الليبي أي تغيير في النتائج الأولية التي تسرّبت منذ الأحد، وأفادت بأن تحالفاً لتيارات وطنية وليبرالية ألحق بالإسلاميين هزيمة كبيرة، في أول نكسة لهم في الدول التي شهدت ثورات ما يُعرف ب «الربيع العربي». وبذلك تنضم ليبيا إلى الجزائر في معاكستها موجة وصول الإسلاميين إلى السلطة في المنطقة المغاربية، من مصر إلى المغرب مروراً بتونس. (راجع ص12) وكان لافتاً أن النتائج الجزئية التي أعلنتها مفوضية الانتخابات الليبية لفرز الأصوات في بعض الدوائر أظهرت أن التحالف الوطني الليبي الذي يقوده رئيس حكومة المجلس الوطني الليبي سابقاً الدكتور محمود جبريل، حقق ما يمكن أن يُطلق عليه صفة «اكتساح» لمنافسيه في عدد من الدوائر، خصوصاً في العاصمة طرابلس. إذ نال تحالف جبريل مثلاً في دائرة جنزور الراقية في غرب العاصمة الليبية حيث مقر العديد من السفارات الأجنبية، أكثر من 26.400 ألف صوت، مقارنة مع أقرب منافسيه حزب العدالة والبناء الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين» والذي لم ينل أكثر من 2400 صوت، بينما نال حزب الوطن بقيادة الزعيم السابق للمجلس العسكري لطرابلس عبدالحكيم بلحاج 617 صوتاً فقط. وتكررت نتائج التحالف الوطني خارج طرابلس، إذ حقق أكثر من 19 ألف صوت في زليتن الواقعة بين مصراتة وطرابلس، بينما لم يحقق حزب «الإخوان» سوى 5600 صوت وحزب الوطن ألفي صوت. أما في مصراتة، ثالث أكبر المدن الليبية بعد طرابلس وبنغازي، فقد سجّل الحزب المحلي الاتحاد من أجل الوطن أكثر من 20 ألف صوت، تلاه حزب «الإخوان» ب 17 ألف صوت، ثم الجبهة الوطنية (حزب جبهة الانقاذ الليبية) ب 11 ألف صوت، وبعدها تحالف الدكتور جبريل بما يناهز ستة آلاف صوت. ولم يُعلن رئيس مفوضية الانتخابات نوري العبار سوى النتائج الجزئية للقوائم الحزبية في هذه المناطق أمس، إضافة إلى بعض نتائج القوائم الفردية. ومعلوم أن القوائم الحزبية تتنافس على 80 مقعداً من مقاعد المؤتمر الوطني ال 200 في حين تذهب المقاعد ال 120 المتبقية للقوائم الفردية التي يتنافس عليها «مستقلون». لكن الأحزاب المتنافسة دفعت كلها بمرشحين محسوبين عليها للمنافسة على قوائم الأفراد، وهو ما أكده حزب العدالة والبناء (الإخوان) عندما علّق في بيان على موقعه الالكتروني على المعلومات التي تشير إلى تراجعه في نتائج الانتخابات. إذ قال الحزب الذي يقوده المعتقل السابق في سجن ابو سليم محمد صوان، إن النتائج التي أعلنت حتى الآن «جزئية» وهي لا تخرج عن توقعاته. لكنه أضاف أنه يأمل بأن ينال المرشحون المحسوبون عليه على القوائم الفردية نتائج جيدة، ما يعطيه وضعاً قوياً في المؤتمر الوطني المقبل حتى ولو هُزم في قوائم الأحزاب. وكان جبريل استبق إعلان فوز تحالفه بأن مد يده إلى بقية منافسيه ودعاهم إلى التعاون جميعاً من أجل بناء مستقبل بلدهم، قائلاً إن ليبيا هي المنتصر الحقيقي في الانتخابات الأولى بعد عقود من ديكتاتورية العقيد الراحل معمر القذافي. وإذا ما تكرّس فوز تحالف جبريل في بقية الدوائر الانتخابية، فإن الأنظار ستتجه إلى الطريقة التي سيتعامل فيها مع خصومه، وهم كثر. وكان بعض هؤلاء شن حملة شديدة عليه العام الماضي ما أدى إلى خروجه من حكومة المجلس الانتقالي. وتكرر هذا الهجوم عليه خلال فترة الانتخابات، خصوصاً من شخصيات بارزة في التيار الإسلامي شككت في التزامه تطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية. وبين هؤلاء مفتي ليبيا الشيخ الغرياني الذي افتى بعدم جواز التصويت لمن يفصل بين الدين والدولة ومن يقول إن الدولة لا دين لها، وهي مواقف تُنسب لتحالف جبريل.