بدا أن أداء الرئيس المصري المنتخب الدكتور محمد مرسي اليمين الدستورية لن يمر مرور الكرام، في ظل رفض رئيس الجمهورية الإعلان الدستوري المكمل الذي أصدره المجلس العسكري قبل أسبوع وحجز لنفسه بموجبه صلاحيات واسعة على حساب الرئيس الجديد والذي يقضي بأدائه اليمين الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا بعد حل البرلمان. ورفض مرسي وجماعة «الإخوان المسلمين» وحزبها «الحرية والعدالة» وقوى إسلامية وثورية أخرى هذه القرارات. وبات أداء اليمين الدستورية «معضلة حقيقية» تواجه مرسي، فواقعياً لا يجوز أداء اليمين أمام برلمان منحل بحكم قضائي، وسياسياً من غير المفضل أداء اليمين أمام المحكمة الدستورية العليا، ما يعني اعترافاً وتنفيذاً للإعلان الدستوري المكمل الذي أعلن مرسي قبل نجاحه رفضه له وحض المتظاهرين على عدم ترك ميدان التحرير قبل إسقاطه. ودأب رؤساء مصر على أداء اليمين الدستورية أمام مجلس الشعب (الغرفة الأولى من البرلمان)، ونصها (أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصاً على النظام الجمهوري وأن احترم الدستور والقانون وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة وأن أحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه)، وبعدها يتولى الرئيس المنتخب مهمات منصبه. لكن البرلمان حُلَّ ونص إعلان دستوري يرفضه الرئيس المنتخب على أداء اليمين الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا. وكانت حملة مرسي الانتخابية أكدت فور إعلان اللجنة العليا للانتخابات فوزه بمنصب الرئيس، أنه سيؤدي اليمين الدستورية أمام البرلمان (المنحل)، في تأكيد رفضه بدء عهده بالتخلي عن وعوده. وعلمت «الحياة» أن جماعة «الإخوان» شكّلت لجنة قانونية للبحث في إمكان عدم أداء مرسي اليمين الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا، في ظل المعضلة التي تواجهها الجماعة في حال عدم إيجاد مخرج لهذه المسألة. وقال القيادي في حزب «الحرية والعدالة» المحامي صبحي صالح ل «الحياة» إن أداء الرئيس المنتخب اليمين الدستورية «ينتظر حل الأزمة بين مجلس الشعب والمجلس العسكري، إذ أن رئيس مجلس الشعب الدكتور سعد الكتاتني يرى أن البرلمان قائم وحكم المحكمة الدستورية العليا ينصرف إلى ثلث النواب المنتخبين بالنظام الفردي، لكن المجلس العسكري متمسك بحل البرلمان كله». واعتبر أن «أداء اليمين الدستورية أمام المحكمة الدستورية سيضع مشروعية الرئيس المنتخب أمام القيل والقال، إذ أن هذا الأمر محل نزاع ولا يتمتع بالمشروعية». وأوضح أن حزب «الحرية والعدالة» لا يعترض على حكم الدستورية العليا، لكنه يعترض فقط على طريقة تنفيذه التي تمت بشكل غير قانوني أو دستوري، مضيفاً: «الرئيس المنتخب لن يفصل في حل البرلمان إلا بعد أن يحال الحكم الصادر من المحكمة الدستورية على المحكمة الإدارية العليا لتفسره، وإذا قررت الحل يعرض الأمر على الرئيس الذي سيقوم بدوره بعرض القرار على استفتاء شعبي أو يكون القرار بعدم الحل ويعود الأمر بعد ذلك إلى مجلس الشعب، ليتخذ القرار المناسب بشأن المقاعد التي صدر الحكم ببطلان الانتخاب عليها». لكن هذه الإجراءات تستغرق ربما أسابيع والرئيس المنتخب عليه أن يؤدي اليمين الدستورية قبل نهاية الشهر لتسلم السلطة، كما أنه لن يمارس أي صلاحيات قبل تأدية اليمين الدستورية. ويرى صالح أن «المشكلة الآن أن المجلس العسكري يصر على بطلان البرلمان كله، ولو حُلّ ثلث البرلمان الذي صدر الحكم في مواجهته لحُلّت الأزمة وأدى الرئيس اليمين أمام برلمان يعقد جلسة صحيحة يحضرها 350 عضواً (...) الأزمة تُحل في ساعة واحدة لو أراد المجلس العسكري». وكان صالح أقام دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري ضد كل من رئيس العسكري ووزير العدل ووزير الداخلية طالب فيها بصفة عاجلة ب «وقف تنفيذ قرار المجلس العسكري بحل البرلمان لأن منطوق الحكم الصادر من المحكمة الدستورية قصر البطلان على من تم انتخابهم على المقعد الفردي وهم ينتمون للأحزاب، وبالتالي لا ينسحب على كل مرشحي المقعد الفردي من المستقلين». ومع زيادة الجدل حول تأدية الرئيس المنتخب اليمين الدستورية، خرج نائب رئيس حزب «الحرية والعدالة» الدكتور عصام العريان ببيان مقتضب أكد فيه أن «رئيس الجمهورية المنتخب هو الذي سيحدد الجهة التي يحلف اليمين أمامها». وإزاء هذه الأزمة طرح البعض أداء الرئيس المنتخب اليمين الدستورية أمام مجلس الشورى (الغرفة الثانية من البرلمان) الذي يعقد جلسة خاصة اليوم لتهنئة مرسي بفوزه ولمناقشة دعوة عدد من نوابه الرئيس إلى أداء اليمين الدستورية أمام المجلس. وقال زعيم الغالبية في مجلس الشورى النائب عن حزب «الحرية والعدالة» علي فتح الباب في تصريحات صحافية إن أداء الرئيس المنتخب اليمين الدستورية أمام مجلس الشورى يعتبر حلاً دستورياً للخروج من المأزق الحالي المتمثل في حل مجلس الشعب على اعتبار أن «الشورى» مجلس نيابي منتخب جاء أعضاؤه بإرادة شعبية، مضيفاً: «هذا الاقتراح ليس نابعاً من شخصي، ولكنه إرادة جميع أعضاء المجلس المنتخبين». غير أن مجلس الشورى نفسه ينتظر اليوم حكماً في دعوى قضائية تطالب بحله أسوة بمجلس الشعب، نظراً لأن انتخابات المجلسين جرت وفق نفس القانون الذي قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستوريته. وأُفيد بأن المحكمة الدستورية العليا لم تتلق أي إخطار حتى الآن بشأن تأدية الدكتور مرسي اليمين الدستورية أمام قضاتها.