انشغل اللبنانيون أمس بمواكبة تضافر الجهود اللبنانية الرسمية والفلسطينية الرامية الى استيعاب ردود الفعل في مخيم نهر البارد في شمال لبنان وتطويق مضاعفاتها التي استمرت ثلاثة أيام احتجاجاً على مقتل شاب فلسطيني في إشكال مع وحدة الجيش اللبناني المرابطة أمام المخيم، خصوصاً بعدما امتدت ليل أول من أمس الى مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان وأدت الى مقتل شاب فلسطيني آخر في ظروف غامضة يجري حالياً التحقيق لجلائها، فيما نظمت مجموعات متشددة من «جند الشام» و «فتح الإسلام» هجوماً استهدف حاجزاً للجيش اللبناني في محلة التعمير. وعلمت «الحياة» من مصادر لبنانية رسمية وأخرى فلسطينية أن الاتصالات التي أُجريت بين مسؤول مخابرات الجيش في صيدا والجنوب العميد علي شحرور ومسؤولي «فتح» في عين الحلوة وزعيم «عصبة الأنصار» أبو طارق السعدي ورئيس «الحركة الإسلامية المجاهدة» الشيخ جمال خطاب نجحت في شل قدرة هذه المجموعات وهي محدودة العدد، على إحداث فلتان أمني، لا سيما في منطقة التعمير التي يوجد فيها خليط من اللبنانيين والفلسطينيين، إضافة الى حاجز للجيش اللبناني. وأكدت المصادر نفسها أن الكفاح المسلح الفلسطيني استحضر قوة من عناصره نشرها في منطقة التعمير الى جانب عشرات العناصر من «عصبة الأنصار»، عمدت الى إقامة منطقة عازلة بين عين الحلوة وحاجز الجيش حالت دون إقامة تجمعات على غرار ما حصل ليل أول من أمس. ولفتت المصادر الى أن هذه الإجراءات نجحت في السيطرة على بؤر التوتر من جهة، وقطعت من جهة ثانية الطريق على من يحاول استغلال الإشكالات الطارئة بين الجيش اللبناني والفلسطينيين المقيمين في مخيمي عين الحلوة ونهر البارد، خصوصاً أن المجموعات المتشددة التي كانت وراء التحريض على الجيش غير قادرة على إقحام المخيمين في معركة مفتوحة مع وحدات الجيش المنتشرة على تخومهما. وأوضحت أن هذه المجموعات وجدت نفسها محاصرة وغير قادرة على إيجاد حال من الفوضى في محيط المخيمين، وعزت السبب الى أن الوضع في عين الحلوة يختلف كلياً عما هو عليه الآن في نهر البارد. وقالت إن عين الحلوة يخضع لسيطرة «فتح» و «عصبة الأنصار» وبالتالي «لديهما القدرة على ضبط الوضع». وأوضحت المصادر أن قيادة الجيش كانت تبلغت من مسؤولي «فتح» و «عصبة الأنصار» في عين الحلوة وفور حصول الإشكال، ليل أول من أمس، أن لا نية لديهما لجرّ عين الحلوة الى صدام مع الجيش وأنهما على استعداد للتعاون الى أقصى الحدود لمنع قيام خطوط التماس بين عين الحلوة وصيدا، إضافة الى أنهما تعهدا ممارسة أقصى درجات ضبط النفس لتمرير تشييع الشاب خالد اليوسف من دون أي رد فعل، وهذا ما حصل عصر أمس أثناء تشييعه، إذ اقتصر على رشق حاجز الجيش بالحجارة وإطلاق الهتافات المعادية من دون أن يتخلله أي صدام. لذلك بدأ مخيما عين الحلوة ونهر البارد يستعيدان وضعهما الطبيعي مع أن الأطراف الفلسطينية الموجودة في الأخير جددت دعوتها الى تشكيل لجنة تحقيق لجلاء الظروف المحيطة بمقتل شابين من المخيم. وعليه فإن الإشكالات المتنقلة بين الجيش اللبناني وبعض المجموعات في عين الحلوة ونهر البارد ستضغط على طاولة الحوار التي تستأنف أعمالها الاثنين المقبل برعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان لطرح مصير القرار الذي كان أجمع عليه الحوار في جلسته التأسيسية الأولى في آذار (مارس) 2006 بمبادرة من رئيس المجلس النيابي نبيه بري والمتعلق بجمع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وضبطه وتنظيمه في داخلها. وقالت مصادر وزارية ل «الحياة» إن البند الخاص بالسلاح الفلسطيني مدرج على جدول أعمال الحوار بطلب من رئيس الجمهورية، وهذا ما يفتح الباب أمام البحث فيه وصولاً الى التفاهم على آلية لتطبيقه، خصوصاً أن السلاح خارج المخيمات يخص تنظيمات فلسطينية أبرزها «الجبهة الشعبية – القيادة العامة»، و «فتح الانتفاضة» تُعتبر حليفة للنظام في سورية، وهذا ما يستدعي معاودة المفاوضات اللبنانية – السورية كمدخل لتأمين الإجماع على جمعه.