أعلن رئيس مجلس إدارة «البنك الأهلي المصري» طارق عامر أن الإصلاح المالي والمصرفي يعزز قدرة مصر على مواجهة التحديات الاقتصادية بعد انتهاء المرحلة الانتقالية، خصوصاً مع ضرورة تطوير أسواق المال وسوق السندات بهدف توفير التمويل لمشاريع البنية التحتية والشركات العامة والخاصة. وشدّد خلال ورشة عمل بدأت أول من أمس بعنوان «أحدث المستجدات في القطاع المالي والمصرفي» وبمشاركة نخبة من الخبراء المصرفيين والإعلاميين، على ضرورة الحفاظ على استمرارية الإصلاحات المصرفية التي تأثرت بالتظاهرات الفئوية بعد «ثورة 25 يناير» لتوفير التمويل للمشاريع ومواجهة المنافسة الدولية. وأشار إلى أن احتياط النقد الأجنبي في مصر ما زال ضمن الحدود الآمنة، على رغم تراجعه من نحو 36 بليون دولار قبل الثورة إلى 15.3 بليون نهاية أيار (مايو) الماضي، بفضل مصادر متجددة منها تحويلات المصريين في الخارج، وقناة السويس وغيرها، لافتاً إلى أن خفض العملة المحلية لن يساهم في كبح التراجع الاقتصادي بل سيفاقم معدلات التضخم ومعاناة المواطن من ارتفاع الأسعار. وأكد أن على الشركات الحكومية البحث عن مصادر تمويل إضافية، مثل السندات، لدعم مشاريعها، فقطاع الكهرباء على سبيل المثال يُعدّ أكثر القطاعات جاذبية للتمويل الخارجي من المؤسسات الدولية ومن بينها البنك الدولي والبنك الأوروبي للإنشاء. ونفى أنباء ترددت عن خفض البنوك للائتمان المخصّص لقطاع البترول على رغم عدم تلبيتها كل الطلبات الواردة، مشدداً على أن إجمالي التسهيلات التي وفَّرها البنك الأهلي لقطاع البترول بلغ نحو 22 بليون جنيه (13.3 بليون دولار). وفي ما يتعلق بخفض البنك المركزي المصري الاحتياط الإلزامي للبنوك، أكد عامر أن ذلك سيعزز ربحية المصارف التي ستتيح فرصة استثمار تلك السيولة المصرفية، داعياً إلى ضرورة اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لكبح عجز الموازنة وخفض التضخم، وموضحاً أن العجز يدفع المصارف للاتجاه إلى مجالات الكسب السريع لا تمويل المشاريع. وأشار إلى أن برنامج الإصلاح المصرفي ركز على تحقيق التواصل بين الإدارة والمسؤولين وإصلاح أوضاع البنوك العامة وإرساء قواعد الحوكمة والشفافية، وإلى أن مهمة البنوك المصرية خلال فترة التأميم عام 1961 والانفتاح الاقتصادي عام 1974 اتخذت شكل «الصرافة» لا «المصارف»، نظراً إلى تحكم الدولة مباشرة في عملها. وأوضح أن القروض المصرفية كانت تُمنح قبل مرحلة الإصلاح المصرفي في شكل عشوائي لشركات القطاع العام، كما أن المصارف كانت تحيل الزبون الخاص المتعثر إلى الإدارة القانونية، ما أدَّى إلى اكتظاظ تلك الإدارة بالقانونيين وزيادة الفوائد على الزبائن. وشرح إن الفكر الذي كان سائداً في المصارف العامة قبل مرحلة الإصلاح المصرفي هو «نهج القطاع العام» إذ كان القطاع الخاص يتحمل أعباء الفوائد المصرفية في حال تعثره، ما أدَّى إلى عرقلة القطاع الذي يلعب دوراً مهماً في نمو الناتج المحلي الإجمالي والتشغيل، لافتاً إلى أن الديون المتعثرة بلغت حينها نحو 100 بليون جنيه. وشدّد على ضرورة دعم القطاع الخاص، الذي عانى كثيراً من خفض قيمة العملة، لكبح البطالة التي تشكل كارثة حقيقية على الاستقرار، مؤكداً أن استثمارات الشركات الأجنبية لم تتكبد خسائر في السوق المصرية خلال السنوات الماضية لأنها استوعبت الدروس المستقاة من أزمة العملات في بعض الأسواق الدولية، منها البرازيل وتايلاند، موضحاً أن تحرير سعر الصرف في مصر ساهم في القضاء على السوق السوداء للعملات وعزَّز ثقة المستثمرين في بيئة الاستثمار.