لم تتّضح الخطوط العريضة والنهائية للقانون الجديد الذي أعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أنه سيقرّه في البرلمان، لمنع الإجهاض والحدّ من عمليات الولادة القيصرية. وعلى رغم ذلك، تزداد التظاهرات النسائية التي تخرج في شكل شبه يومي، تنديداً بموقف اردوغان واحتجاجاً على تعديل القانون الذي يتيح للنساء في تركيا الإجهاض طوعاً، من دون أي شروط، طالما كان عمر الجنين أقل من 10 أسابيع. وخرجت آلاف من النساء في اسطنبول الأحد، في تظاهرة تُعتبر الأضخم في هذا الشأن، وحضّت أردوغان وحكومته على الامتناع عن التدخل في شؤون الأرحام والحياة الخاصة للنساء، وعدم الاعتداء على حقوقهن. ورفعت متظاهرة يافطة كُتب عليها: «أتاتورك أعطى المرأة التركية حقّ التصويت والترشح قبل فرنسا، وأردوغان يعتدي على حقوقها ليعيدها إلى الجاهلية». كما لقي موقف المؤسسة الدينية التركية التي ساندت أردوغان، انتقادات شديدة من ساسة وإعلاميين ومثقفين، اذ اعتبر رئيس إدارة الشؤون الدينية محمد غورماز أن الإجهاض حرام شرعاً، وأنه ليس جائزاً في جميع الأديان، بينها الإسلام. وذكّر «حزب الشعب الجمهوري» الأتاتوركي المعارض، غورماز بأن القانون الذي وضع في تركيا عام 1983، أخذ رأي الأئمة المسلمين في هذا الشأن، والذين أجازوا الإجهاض آنذاك، شرط ألا يتجاوز عمر الجنين 10 أسابيع، أي قبل أن تُنفخ فيه روح. ووصف الحزب غورماز بأنه «مفتي السلطان الذي يسخّر الدين في خدمة سياسة رئيس الدولة»، منتقداً تعمّده إخفاء مسألة الفسحة الزمنية في الإجهاض، وحديثه عنه في شكل عام، بما يخدم رأي الحكومة. أما الكاتب الصحافي جان اطاكلي فاعتبر أن تركيا «تسير في خطى جريئة نحو الدولة الدينية، ومن دون أي تردد، من خلال استناد أردوغان الى الغالبية النسبية لنواب حزبه في البرلمان»، فيما كتبت الصحافية اصلي أيضن طاش المعروفة بقربها من الحزب الحاكم ومساندتها سياساته، أنها شاركت في التظاهرة المنددة بالقانون، وأضافت: «يحقّ لأردوغان أن يروّج لسياساته المحافظة، وأن يوّفر لناخبيه أجواء محافظة، ولكن ليس بفرض قوانين في هذا الشكل الذي يزعج ويضرّ ويحدّ من حرية القسم الآخر من الشعب». واستغربت بشدة «امتناع الكتاب الإسلاميين والمحافظين عن التعليق على هذه المسألة»، وزادت: «أنتظر من المحجبات اللواتي دافعت، أنا وزميلاتي من غير المحجبات، عن حقهن في ارتداء الحجاب في الجامعات، أن يقفن الى جانبنا كما وقفنا الى جانبهن سابقاً، لكنني مذهولة من موقفهن». واستهجن «حزب السعادة» الإسلامي تصريحات أردوغان، وتساءل عن سبب طرحه هذه المسألة الآن. وعلى رغم تأييد الحزب هذا الطرح، لكنه سأل اردوغان: «ما فائدة تجريم الإجهاض، فيما تبيح القوانين الزنا؟». وعرضت صحيفة «خبر ترك» محاضر النقاش الذي دار في البرلمان عام 1983، أثناء مناقشة فرض قانون إباحة الإجهاض خلال 10 أسابيع من الحمل. وذكّرت الصحيفة بأن الجنرالات هم من كانوا ضد القانون آنذاك، مستغربة أن «يكرر أردوغان الآن موقف العسكر قبل ربع قرن».