دمشق - «الحياة»، ا ف ب، ا ب - بين الحملة الدعائية التي قام بها النظام السوري للانتخابات النيابية التي اعتبرها بداية للعملية «الاصلاحية» واعتبار المعارضة انها «انتخابات مهزلة» كانت هناك صورتان للمشهد السوري. صور على التلفزيون الرسمي يظهر فيها ناخبون يصطفون للادلاء باصواتهم داخل مراكز الاقتراع، بينما كانت وكالات الانباء والمراسلون ينقلون اخبار الاضراب العام الذي شل معظم المدن والبلدات السورية، بحيث يصعب تصور اجراء عملية اقتراع فيها، وشمل ذلك على الاخص حمص وحماة وادلب ودرعا، اضافة الى احياء في دمشق وبلدات في ريفها. وقال ناشط من حماة ان الشوارع كانت خالية والمحلات مغلقة بعد تجاوب الاهالي مع الاضراب العام الذي دعت اليه المعارضة لمقاطعة الانتخابات. ورفعت في عدد من البلدات يافطات تحمل صور القتلى الذين سقطوا خلال الانتفاضة وعليها شعارات تقول «شهداؤنا هم مرشحونا». ووصف ناشطون المجلس الذي يجري انتخاب اعضائه ب «مجلس الدمى»، وقالوا ان الاضراب شمل بلدات ريف حماة وقامت قوات الامن باجبار الاهالي على فتح محالهم في طيبة الامام. فيما قال ناشط في ادلب لوكالة «فرانس برس»: «لا يوجد في ادلب وريفها اي علامات على وجود انتخابات في البلاد». واضاف: «النظام يحاول ان يوهم نفسه انه ما زال قائما من خلال تنظيم هذه الانتخابات المهزلة فيما هو عاجز عن حكم المدن والقرى الا بقبضة الدبابات». وافادت لجان التنسيق المحلية ان مدينة السويداء ذات الغالبية الدرزية شهدت اعتصاما داخل نقابة المهندسين رفضا للحل الامني وللانتخابات وتضامنا مع طلاب جامعة حلب. ودعا «المجلس الوطني» السوريين «للاضراب او التظاهر في ساعات الانتخاب للتعبير عن رفضهم لهذه المسرحية». واضاف، في بيان: «بصفاقة قل نظيرها، يدعو النظام السوري لاجراء انتخابات لمجلس الشعب على وقع الرصاص والقذائف من كل نوع وجرائم الابادة والعقوبات الجماعية». واعتبر ان اجراء هذه الانتخابات «يستهين بدماء الاف الشهداء السوريين» ويدل على «استهتار النظام بالمبادرة الدولية العربية». واستمرت اعمال العنف في سورية امس رغم انشغال اجهزة الأمن بالانتخابات ووجود المراقبين الدوليين. وذكر المرصد السوري لحقوق الانسان ان ثلاثة شبان في ريف دير الزور قتلوا في كمين نصبته قوات الامن وموالون للنظام. كما وقعت اشتباكات بين القوات النظامية ومنشقين في حماة وسمعت اصوات انفجارات واطلاق نار في ادلب ودرعا وحلب. وذكر معارضون ان معظم احياء دمشق كانت مشلولة وعلى الاخص حي القدم وسوق العسالة وحي القابون وبرزة، كما تعرضت مدينة الضمير وداريا غرب دمشق للقصف. فيما تحدثت انباء عن اقتحام قوات الامن لدرعا البلد. وكانت مراكز الاقتراع فتحت ابوابها عند الساعة السابعة صباحاً، ووصفت الحكومة الانتخابات بانها اول انتخابات «تعددية» منذ خمسة عقود، بعد التعديل الذي ادخل على الدستور السوري قبل 3 اشهر والغيت بموجبه المادة الثامنة التي كانت تعتبر حزب البعث «قائداً للدولة والمجتمع». وشاركت في الانتخابات سبعة احزاب من بين تسعة اعلن تأسيسها منذ اصدار قانون تنظيم الاحزاب الجديد بالاضافة الى المستقلين وقائمة «الوحدة الوطنية» التي اعلنت عنها الجبهة التقدمية التي يقودها حزب البعث والتي تشرف على الحكم. وأكد وزير الداخلية محمد ابراهيم الشعار أن انتخابات أعضاء مجلس الشعب «تسير بشكل طبيعي» وأن مراكز الاقتراع تشهد «اقبالا ملحوظا من قبل الناخبين». واضاف: «لا مشكلة حتى الآن باستثناء بعض الأمور التي قد تحصل في أي جو انتخابي». واقيم 12152 مركزا انتخابيا في مختلف المدن السورية موزعة على 15 دائرة انتخابية، وعدد المرشحين 7195 لشغل 250 مقعداً في مجلس الشعب. من جهة اخرى، قال الامين العام للامم المتحدة بان كي مون إن اكثر من تسعة آلاف شخص قتلوا في سورية في الاربعة عشر شهرا الاخيرة وهو «وضع لا يمكن تحمله وغير مقبول بالمرة». وذكر في كلمة، في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، ان الاولوية بالنسبة الى الاممالمتحدة هي نشر بعثة المراقبين في اقرب وقت ممكن، داعيا جميع الاطراف الى وقف العنف.